ارشيف

نساء غزة يتحدين جوع الإبادة عبر أعمال شاقة

post-img

ترتب الفلسطينية نعيمة أبو سلطان (56 عامًا) ربطات الخبز في سوق دير البلح الشعبي وسط قطاع غزة، تجهيزا لبيعها وكسب بعض المال الذي يعينها على توفير قوت أسرتها التي تعاني ظروفا اقتصادية متردية، فيما لا تمتلك أي مصدر دخل يمكنها من توفير متطلباتها الأساسية.

وتتشارك مع أبو سلطان التي تحاول إعالة أسرتها المكونة من أبنائها وأطفالهم وعددهم 12 شخصا في ظل عدم قدرة زوجها السبعيني على العمل، عشرات النساء اللواتي يعملن في مهن مختلفة لإعالة أو إعانة أسرهن على تحسين واقعهن المعيشي، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر فيها الأسر الفلسطينية في مختلف محافظات قطاع غزة، بفعل التأثيرات الكارثية للعدوان الإسرائيلي المتواصل منذ عشرة أشهر.

نساء غزة ينوعن المهن

في محاولة منهن للتغلب على الأزمة الاقتصادية، أو التخفيف من وطأتها، انطلاقا من مسؤوليتهن العائلية والمجتمعية، تتنوع مشاركات النساء سواء في بيع الأجبان والمعلبات والمنظفات والمستلزمات المنزلية داخل الأسواق، أو في صناعة الخبز والمعجنات وحلويات العوامة وأصابع زينب والبسكويت والقرشلة، أو وجبات المفتول والأرز، وتجهيزها لأبنائهن لبيعها مغلفة في الأسواق، بينما تتجه أخريات إلى افتتاح بسطات المأكولات الشعبية، أو العصائر والمياه الباردة.

مشروع "حفنة أرز" لإطعام أهل غزة

وتوضح أبو سلطان، وهي من منطقة الزوايدة الملاصقة لدير البلح أنها بدأت مشروعها الصغير بشراء ربطة خبز واحدة وبيعها مرة تلو الأخرى، إلى أن تمكنت من ادخار مبلغ 50 شيكلا، واستدانة مبلغ 200 شيكل لتوسيع مشروعها، عبر زيادة عدد ربطات الخبز وإتاحة المجال لعمل أبنائها معها. (الدولار يساوي 3.63 شواكل).
وتبين أبو سلطان لـ"العربي الجديد" أنها قامت بتوزيع الأدوار بينها وبين أبنائها، حيث يتم شراء ربطات الخبز، وتقوم هي بالبيع على البسطة، فيما يتجول باقي أبنائها داخل السوق مشيا على الأقدام، بالاستعانة بدراجة هوائية تحمل الخبز حتى بيع الكمية كاملة قبل فسادها بفعل درجات الحرارة المرتفعة وعدم وجود إمكانية لتبريدها أو حفظها نظرا للانقطاع الكامل للتيار الكهربائي.
وحسب بيانات حديثة، وصلت معدلات الفقر إلى أكثر من 85% وتعطل أكثر من 90% من السكان عن وظائفهم. يأتي ذلك في الوقت الذي بلغت فيه نسبة انعدام الأمن الغذائي 96%، عدا عن اعتماد غالبية السكان على المساعدات الإنسانية شبه المتوقفة منذ العملية العسكرية في رفح.

محطات النزوح

وتتعدد أشكال مساندة الفلسطينيات لأسرهن، إذ توضح الفلسطينية أسماء أبو العيس التي نزحت برفقة أسرتها من منطقة النصر وسط مدينة غزة، إلى عدة محطات نزوح انتهت في منطقة التحلية غربي مدينة دير البلح، أنها قامت بشراء طاحونة يدوية صغيرة لطحن الحمص وإضافة المكونات اللازمة لصنع خلطة الفلافل وتجهيزها لأبنائها لبيعها داخل السوق، وتجهيز وجبة أخرى ليبيعها زوجها مقلية على الحطب خلال ساعات الصباح والمساء.
وتبين أبو العيس لـ"العربي الجديد" أنها تقضي ساعات طويلة في طحن الفلافل، لتوفير ثمن الطحن عبر ماكينة كهربائية بمقابل مادي يصل لكل كيلو إلى 3 شواكل، وذلك لمساندة زوجها الذي خسر عمله داخل بقالته التي دمرها الاحتلال، بعد قصف المبنى الذي كان يضم الشقة التي استأجرها زوجها منذ أربعة أعوام بما فيها من أثاث وملابس وفراش.
وتلفت أبو العيس إلى الواقع المعيشي الصعب الذي تسبب فيه العدوان من مختلف النواحي، سواء على صعيد تدمير البيت، أو حالة النزوح الصعبة، أو خسارة مصدر الدخل الوحيد، أو انعدام مقومات الحياة والمساعدات الإنسانية، في ظل الغلاء الفاحش في كل المتطلبات اليومية.

 

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد