كأنّ الأيام تعيد نفسها، مع الشخصيات ذاتها من ناحية العدو الإسرائيلي والأميركيين، مع اختلاف عنوان اليوم، إذ لم يعد الحديث عن الحرب على غزة، بل «التصعيد مع لبنان»، بحسب التوصيف الغربي للعدوان الإسرائيلي الدموي والمستمرّ على لبنان. فبعدما روّجت الولايات المتحدة وفرنسا، مساء أول من أمس، أن اتفاقاً «وشيكاً» حول وقف إطلاق نار مؤقّت، سيُعلن «خلال ساعات»، مارس رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، هوايته المفضّلة؛ تراجع عن الاتفاق المزعوم، ونكره. وبحسب ما نقل موقع «أكسيوس» عن مسؤولين أميركيين، فإن «نتنياهو والمقرّبين منه شاركوا بشكل مباشر في صياغة وقف إطلاق النار المؤقّت». ونقل الموقع عن مصدر مطّلع، قوله إن «الوزير الإسرائيلي رون ديرمر أبلغ مستشاري الرئيس جو بايدن دعم نتنياهو لوقف مؤقّت لإطلاق النار، وإن الأخير لا يريد الانجرار إلى غزو برّي ربما يقوّض إنجازات الجيش».لكنّ نتنياهو، وكما جرت العادة، «تراجع»، عازياً الأمر إلى معارضة من داخل الحكومة»، فيما نقلت «القناة 12»، عن مسؤولين في واشنطن، حديثهم عن «صدمة في الإدارة الأميركية من تراجع نتنياهو عن التفاهمات بشأن وقف إطلاق النار»، لكنّ «واشنطن لم تتخلّ بعد عن مبادرة وقف إطلاق النار، والاقتراح لم يتضمّن تاريخاً لبدئه»، بحسب المسؤولين الأميركيين.
المقترح الفرنسي – الأميركي يقوم على فكرة إلزام حزب الله بوقف ربط جبهة لبنان بالحرب في غزة
وعلى المقلب الإسرائيلي، هاجم رؤساء الأحزاب والكتل الإسرائيلية في «الكنيست»، بشدّة، التقارير التي تحدّثت عن احتمال التوصل إلى وقف لإطلاق النار، وطالبوا باستكمال الحرب، وتصعيد الضغط العسكري. تبع ذلك إصدار مكتب رئيس حكومة العدو، بياناً نفى فيه الأنباء حول هدنة من 21 يوماً لإجراء مفاوضات برعاية غربية، مشيراً إلى أنها «غير صحيحة»، مستدركاً بالقول إن «الحديث يدور حول مقترح أميركي- فرنسي لم يردَّ عليه نتنياهو بعد». وعلى طريقة ما شهدناه حول الحرب على غزة، خرج وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، قائلاً إن «المعركة في الشمال يجب أن تنتهي إمّا بتهشيم حزب الله وسلب قدراته على تهديد سكان الشمال، وإما باستسلامه أو الحرب»، مشدّداً على أنه «لا ينبغي منح العدو وقتاً ليتعافى من الضربات القاسية التي تلقّاها من خلال منحه 21 يوماً من الهدنة».
أمّا حزب «عوتسماه يهوديت»، الذي يتزعمه وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، فعقد اجتماعاً طارئاً أصدر بعده بياناً هدّد فيه بأنه سيعتبر نفسه خارج التزامات الائتلاف الحاكم، وبضمن ذلك جلسات الحكومة، إذا ما قرّر رئيس الأخيرة التوصّل إلى هدنة، وإذا أصبحت دائمة، فإن «جميع الوزراء وأعضاء الكنيست في عوتسما يهوديت، سيستقيلون من الحكومة والائتلاف». وانسحبت معارضة اتفاق وقف إطلاق النار كذلك على وزراء «الليكود»؛ إذ اعتبر وزير الخارجية، يسرائيل كاتس، أنه «لن يكون هناك وقف لإطلاق النار في الشمال»، فيما رأى زميله في الحزب وزير الثقافة والرياضة ميكي زوهَر أن «وقف إطلاق النار دون تقديم حزب الله أي تنازل ملموس هو خطأ جسيم». من جهته، ذهب وزير الشتات، عميحاي شيكيلي أبعد من ذلك معتبراً أنه «لا يمكن إنهاء المعركة في الشمال دون عملية برية تهدف إلى إنشاء منطقة عازلة». وعلى جبهة المعارضة، إذ اعتبر زعيمها، يائير لبيد، أن «على إسرائيل أن تقبل الاقتراح الأميركي الفرنسي لوقف إطلاق النار، ولكن بشرط لمدة 7 أيام فقط». فيما قال عضو الكنيست، جدعون ساعر إن «التوقف عن هذه العمليات يتيح لحزب الله اتخاذ خطوات ستجعل المهمة أكثر صعوبة في المستقبل».