ليس صدفةً أن يُخَصِّصَ بيدق السفارة الأميركية مارسيل غانم حلقةً كاملة لِسَوِق الأكاذيب والأضاليل عن مؤسسة القرض الحسن عند المساء، وفي اليوم التالي يشن العدو الصهيوني عدوانًا على مراكز تلك المؤسسة في كل لبنان. القرار أتاه من السفيرة، ومن مرجعيتِها في وزارة الخزانة الأميركية التي عجزت عن لَيِّ ذراع مؤسسة القرض الحسن الموجودة أصلًا لحماية الفقراء والمحتاجين من الحصار الاقتصادي الظالم الذي تشنه على لبنان أكثر دولة وحشيَّةً وإجرامًا، فأوعزت إلى ذراعها الصهيونية لتُدَمِّرَ المؤسسة وتحرم الفقراء منها.
ليس صدفةً أن يعمد الرئيس الشهيد رفيق الحريري- رحمه الله- إلى إقفال قناة mtv حمايةً للبنان من سمومها القاتلة، بينما نرى الرئيس نجيب ميقاتي اليوم يصفح عنها ويُداريها ويسايرها، ويقف متأهبًا أمام السفيرة الأميركية فينفذ أوامرها، ولا يتجرأ على كسر خاطرها ولا خاطر وسائل الإعلام العاملة بإمرتها.
منذ إعادة فتحها، لا تتورع قناة mtv عن التحريض على الفتنة وعلى القتل، بكل عهر وفجور، وبصوت مرتفع إلى أقصى ما تسمح به جاعورة مذيعيها المرتزقة المشبوهين، وإلى آخر ما تصل إليه طاقة مذياعها الـمُشبَعِ بالتلوُّث الطائفي والقذارة الأخلاقية.
ليس صدفةً أن يغرد بعض الناشطين التواصليين كذِبًا، عن وجود أسلحة في مراكز النازحين، فيتم قصف تلك المراكز من قبل العدو في اليوم التالي ويرتكب المجازر في أطفالها ومدنييها ونسائها.
ليس صدفةً التناغم والتفاهم والتنسيق بين أفيخاي إدرعي وإيدي كوهين من جهة، وبين المغردين اللبنانيين من حظيرة القوات اللبنانية والمتصهينين، يتبادلون رسائل الوشاية والتحريض على أكثر من نصف الشعب اللبناني بهدف شيطنتهم وتهجيرهم ثم ضربهم وقتلهم بمختلف أنواع الأسلحة وأفتكها، المصنوعة في أميركا.
ليس صدفةً أن يعمل عاموس هوكستين بائعًا جوَّالًا بين واشنطن وتل أبيب وبيروت، مُتَنَقِّلًا بين ولائم الرؤساء والوزراء والأزلام، ليعرض عليهم بضاعةَ الاستسلام مقابل تأجيل ذبحنا إلى أجلٍ مسمّى.
إن ما يجري في لبنان حاليًا، هو امتدادٌ لحربٍ شعواء متعددة الوسائل، ليس أوَّلُها غزة وليس آخرها آخر دولةٍ عربيةٍ تقف في الطابور، بإدارة السفارات الأميركية في لبنان والعالم العربي، ضمن حملة تهويد الشرق الأوسط ووضع سكانه عبيدًا تحت إمرة كيان إسرائيل.
إن كل من يُسَهِّل مهمة السفارة الأميركية في لبنان وغير لبنان، هو خائن لوطنه مهما علا كَعبُهُ ومهما تضَخَّمَت مسؤوليتُه. لذا ندعو اللبنانيين الشرفاء من كل الطوائف، أن يقيسوا مستقبلهم بهذه المسطرة؛ فإما أن يكونوا أحرارًا في بلدهم وأسيادًا على أنفسهم، وإما أن يكونوا من الغوييم الجاهزين للذبح بسكين السفارة الأميركية التي يشحذها عاموس هوكستين وأمثالُه في البيت الأبيض، ثم يَستَلُّها في وجهنا صُبحَ مساء.