أكّد نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب أنّه "من حق لبنان بل واجبه الدفاع عن سيادته بكل الطرق المشروعة".
كلام الشيخ الخطيب جاء خلال خطبة الجمعة في مقر المجلس في الحازمية، والتي قال فيها: "لا يمكن للأمة الإسلامية أن تبقى أمة اذا ما جردناها عن الإسلام وعملنا على تفكيكها تحت عناوين عصبية مختلفة، قومية أو مذهبية، الأمة أصلًا لم تكن موجودة، وإنما الذي أحكم رباطها وشد وثاقها هو الإسلام. ولذلك فإنه مع فك هذا الرباط وحل هذا الوثاق لن يقف فرط هذا العقد عند حد، وهو يعني نهايتها. فهي نظام كنظام الخرز الجامع بينها، هو الخيط فاذا ما انقطع تفرق الجمع وانتهى".
وأضاف: "وقد عرف أعداء هذه الأمة والطامعون بها بعد حروب عديدة شنت عليها وحاولت كسر إرادتها وهزيمتها، ولم تفلح في تحقيق هدفها، فاهتدت أخيرًا الى معرفة مكمن هذا السر المتجسد في وحدتها فسعت الى التخلص منه".
وتابع "ولقد شهدنا وخصوصًا في العصور الأخيرة أولى محاولات الغرب التي نجحت بتحقق هذه الأمنية بتفكيك الدولة العثمانية وتقسيم العالم الإسلامي الى وحدات قومية متباينة، لم تنته عند هذا الحد، بل اتبعتها بالدعوات التقسيمية الكيانية، ثم انتهى بنا الأمر الى الدعوات التقسيمية الطائفية والمذهبية التي أخذت أشكالًا من الصراعات الدموية اليوم للأسف"، "ومع عدم وجود إشكال لدينا في الوجودات الكيانية المتعددة لمبررات موضوعية، لكن بشرط ألا يخل بوحدة الأمة ويقطع رابطة العقد الإلهي بينها، ولكن ويا للأسف إن هذا ما تحقق".
وأردف "لقد سبق هذا الواقع أن اختلقت السلطة في العصور الإسلامية المختلفة حروب إبادة مذهبية على بعض أخصامها السياسيين، لكن الأمة حافظت على وحدتها لأن المعارضة السياسية أدركت خطة السلطة، ولم تنجر الى تحقيق ما سعت اليه، ولم تكن تسعى أن يكون لها مشروعها السياسي الانفصالي، إيمانًا منها بوجوب الحفاظ على وحدة الأمة. وهذا يعود الفضل فيه الى المعارضة، لكن الغرب التقط اللحظة التاريخية بضعف الدولة العثمانية وبث سمومه القاتلة بطرح التجزئة بعناوين مختلفة، وعلى نحو متدرج حتى وصل الى غايته الخبيثة وأشعل فيها الحروب المفتعلة القومية والمذهبية في ما بين الكيانات وداخل كل كيان، وهي لاهية بهذه الحروب".
ولفت إلى أنّ: "كل كيان وكل مذهب يفتعل حروبه الخاصة، والعدو يسير نحو تحقيق أهدافه دون أن تشعر هذه الكيانات وهذه المذاهب بما يجري، بل يتآمر فيها البعض على البعض الآخر، ويخاف فيها الكل الكل متعاونًا مع عدوه الحقيقي على أخيه في الدين وفي المصلحة والوجود، بينما العدو الصهيوني يسحق غزة ويشن حربًا مدمرة على لبنان، والآن يستغل الوضع المؤسف في سوريا ليستكمل ابتلاعه المزيد من الأرض السورية وتدمير مقدراتها، والعرب مشغولون بحروبهم الداخلية والخوف من بعضهم يسكن جوانحهم".
واستطرد الشيخ الخطيب قائلًا: "وفيما العدو يشن حربه على لبنان يتمنى البعض انتصاره على أبناء وطنه، وهمه أن يشن حرب العدو الإعلامية عليه فقط ليشفي غليله وحقده الذي ليس له سبب، الا هذه العصبيات التي أَحياها عدونا في نفوسنا، فأصبح البعض يردد ما يريد له العدو أن يردد، ويتمنى لأخيه الهزيمة خوفًا من انتصاره.. يفرح لانتصار عدوه ويحزن لانتصار أخيه، ولا ينبس ببنة شفة اعتراضًا على تجاوز العدو، ويطالب المقاومة بتسليم سلاحها، فيما العدو ما زال محتلًا للأرض ويمارس العدوان، ولا يطبق الاتفاق، فأي أمة هي هذه الأمة وأي أوطان هي هذه الأوطان التي تشكك بنفسها وتخاف من خيالاتها".
وأضاف "الآن، وبعد أن فرض على العدو وقف إطلاق النار، ويحاول العدو أن يأخذ ما فشل عن أخذه بالحرب، وأن يفرض بتجاوزاته أمرًا واقعًا، فإن على اللجنة المشرفة على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، وقف تجاوزات العدو وقتل المواطنين والاعتداء على السيادة الوطنية، والا فمن حق لبنان بل واجبه الدفاع عن سيادته بكل الطرق المشروعة ووفقًا لنص الاتفاق أيضًا. وهذا ما يجب أن يكون عليه الموقف الوطني الجامع من إثبات الجدية الوطنية في الدفاع عن سيادة لبنان وكرامة شعبه، من دون الالتهاء بالشعارات التي تنفع العدو وتضر بالوطن".
وقال العلامة الخطيب: "نحن قبل الجميع من نادى بحضور الدولة في الجنوب لتدافع عن السيادة وعن الوطن، وهذا مطلوب من الجميع، لا أن يكون حضور الدولة حارسًا للعدو في وجه الشعب اللبناني كما ربما يريده البعض، وأن يكون حضور الدولة مطمئنًا للشعب اللبناني في القرى الأمامية ليعيش حياته ويمارس أعماله وهو يشعر بالحماية، لا أن يرى الخناجر في ظهره. فشعبنا مصمم على الرجوع الى قراه بأي ثمن، لكنه يريد أن يعود والشعب اللبناني كله سند له، مع الجيش اللبناني الذي كنا أول من طالب بوجوده لحماية السيادة الوطنية وكانت السلطة السياسية تمانع في ذلك".
وختم الشيخ الخطيب: "نحن اليوم أكثر تمسكًا بالجيش لكن على السلطة السياسية ألا تطعن الجيش في ظهره، ولا أقصد هذه الحكومة، فهي حتى الآن تقوم بما عليها وبشخص دولة الرئيس نجيب ميقاتي، وكلنا ثقة أن يكمل هذا المسار حتى استعادة آخر شبر وعودة كل مواطن، مع إعادة البناء وترميم ما تهدم بعد بسط الأمن والأمان لأهلنا بكل مسؤولية".