أوراق اجتماعية

2,500 مزارع تبغ جنوبي خسروا محصولهم: دولاران ونصف دولار مساعدة لكل كيلو

post-img

جريدة الأخبار 

لم توفّر إسرائيل في عدوانها على جنوب لبنان، الذي استمر سنة وثلاثة أشهر، القطاع الزراعي، ولا سيما زراعة التبغ، الذي يمتد موسم زراعته وقطافه من مطلع تموز حتى أواخر آب.

وبعدما دُمّرت بيوتهم وممتلكاتهم، لم يتبقّ للمزارعين سوى حصادهم السنوي لإعالة عائلاتهم. ولا يطالب هؤلاء إلّا بتعويضهم عن خسائرهم، التي لا تقتصر على ضياع الموسم عليهم، فقد نالت مشاتل التبغ حصة من القنابل العنقودية التي ألقاها العدو في الجنوب، عدا المواد السّامة التي يرشّها عبر طائراته الزراعية العدوانية.

ولذلك، فإن مفاعيل العدوان قد لا تنتهي بانتهائه، مع احتمال تسبب الأضرار التي لحقت بالأراضي الزراعية، بتدمير مواسمها المقبلة، وهو ما قد يمتدّ لسنوات طويلة أيضاً. فإلقاء القنابل العنقودية والمواد السامة، يسبّب أضراراً مؤقتة وقاتلة للأرض وللإنسان، في حال لم يحصل التدخل الفوري قبل حلول الموسم المقبل.

مزارعو التبغ يخسرون مصدر رزقم

في الأشهر الأولى من الحرب لم ينزح من الجنوب، إلا عدد قليل من أهالي القرى الحدودية. ولكن مع اشتدادها، خلت القرى الممتدة على طول الحدود مع فلسطين المحتلة من سكانها، وضمنهم أكثر من 2,500 مزارع، في قرى عيتا الشعب وعيترون وبنت جبيل ومارون الرأس. 90% من هؤلاء خسروا موردهم الوحيد.

في بلدة كفردونين، حوالى 30 مزارعاً، اثنان منهم فقط تمكّنا من زراعة التبغ في سهولها، وحوالى 6 مزارعين منهم زرعوا في بلدات نزحوا إليها، والبعض سلّم مورده لعمال سوريين، بينما خسر العدد المتبقّي مورده بشكل كامل، وفقاً للمزارع في البلدة علي نظام الدين.

أمّا بلدة ميس الجبل التي تضم أكثر من 400 مزارع، والتي تنتج سنوياً حوالى 14 ألف كيلو من التبغ، فلم يتسنَّ لمزارعيها في الموسم الأخير بأن يزرعوا في أرضهم.

ويقول أحد مزارعي البلدة خضر عيسى لموقع «الأخبار» إنه «لم يتمكّن أي مزارع من البلدة من زراعة أرضه خلال الموسم الماضي، وحرم القصف مئات المزارعين من زراعة حقولهم في قرى الشريط الحدودي (...) خسارتنا بلغت في الموسم الأخير 80% بعد التعويض من الريجي».

مساعدة مقابل كل كيلو تبغ

وفي هذا الصدد، أوضح مدير «الزراعة والمشترى» في «الريجي» جعفر الحسيني لموقع «الأخبار» أن محصول زراعة التبغ في الجنوب تراجع هذا العام بنسبة كبيرة رغم الخطط الاستباقية التي وضعتها «الريجي»، معلناً أن الإدارة ستقدّم المساعدات للمزارع الذي خسر محصوله هذا العام.

ووفقاً للحسيني، بلغ محصول التبغ في الجنوب في عام 2019، 5 ملايين كيلو. وبعد الأزمة الاقتصادية في عام 2020، انخفض الإنتاج بشكل كبير، إذ كانت مستلزمات الزراعة من أسمدة ومبيدات وغيرهما يتم دفعها بالدولار، ووصلت نسبة المحصول مروراً بعام 2022 إلى مليون كيلو. حينها، اتّخذت الإدارة قراراً بالدفع للمزارعين بالدولار ووصل الإنتاج في عام 2023 إلى مليون وتسعمئة ألف كيلو. وكان توقّع الإدارة أن يواصل المحصول ارتفاعه مع السنوات المقبلة، قبل حصول «ما لم يكن في الحسبان عندما وسّعت إسرائيل عدوانها على جنوب لبنان».

وللتعويض عن الخسائر إثر توقّف الزراعة في القرى الحدودية، وضعت «الريجي» خطة استباقية وسرّعت عملية تسليم المحاصيل واستحدثت مراكز بعيداً من الشريط الحدودي، ومشاتل مجانية للنازحين نحو القرى الآمنة.

وأشار الحسيني إلى أن «المزارع يبدأ بتحضير أرضه للزراعة في أشهر كانون الأول وكانون الثاني وشباط. وفي هذا الوقت كانت المنطقة على امتداد الناقورة والخيام شبه فارغة من أهلها بنسبة تصل إلى 60% من سكان القرى والبلدات».

أمّا بلدات رميش ودبل والقليعة، المحاذية لفلسطين المحتلة، فـ«استمرّ العمل فيها بشكل طبيعي وسلّم المزارعون فيها المحصول كاملاً. وتسلّمت الريجي حوالى 35% من المحصول قبل الثالث والعشرين من أيلول».

وبعد انتهاء الحرب، فتحت «الريجي» مراكز النبطية وبير السلاسل وتبنين لتسلّم المحاصيل، «التي بلغت مليوناً وثلاثمئة ألف كيلو».

وعن المساعدات التي تقدّمها «الريجي» لمزارعي التبغ الذين خسروا محصولهم، أعلن الحسيني أنها «اتّخذت قراراً بالتنسيق مع وزارة المالية للتعويض على المزارعين في القرى الحدودية، أي 62 قرية تمتد من الناقورة إلى القليعة، عبر تقديم دولارين للمزارع مقابل كل كيلو، يتمّ تسليمه، إضافة إلى حقّه. على سبيل المثال، من يسلّم 200 كيلو نقدّم له 400 دولار كمساعدة».

وأشار الحسيني إلى أن «في القرى الأمامية، أكثر من 2,500 مزارع لم يستطيعوا أن يزرعوا ويسلّموا محصولهم، فخسروا موردهم وباب رزقهم الوحيد، فقررت الإدارة أن تقدّم لكل منهم دولارين ونصف دولار (مساعدة مقابل كل كيلو) استناداً إلى الكمية المُسلّمة في عام 2023». وبالنسبة إلى باقي القرى الجنوبية غير الحدودية، ستقدم «الريجي» نصف دولار (مساعدة مقابل كل كيلو) لمزارعيها.

يُذكر أن إنتاج الجنوب من التبغ هو 4 آلاف و627 طناً وفقاً للأرقام الصادرة عن «الريجي». وبحسب تقرير لـ«البنك الدولي»، بلغت الأضرار التي لحقت بالقطاع الزراعي خلال مدة توسّع الحرب على لبنان بعد الـ 23 من شهر أيلول، 127 مليون دولار.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد