قررت الحكومة الجزائرية رفع الغطاء القانوني عن أربع نقابات تعد الأبرز في قطاع التربية والتعليم، واعتبارها نقابات غير تمثيلية ولا تحوز على الحد الأدنى التمثيلي المطلوب قانونًا، ما يعني عدم شرعية دعوتها إلى إضرابات عمالية في الوقت الحالي، ردًا على إعلان النقابات الأربع بدء حركة احتجاجية منذ 11 فبراير الجاري، رفضًا لنظام التعويضات الذي أقره القانون الجديد للمعلم.
أكد وزير التربية الجزائري محمد صغير سعداوي، اليوم الاثنين، خلال اجتماع افتراضي مع مسؤولي التعليم في الولايات، أنه أبلغ نقابة المجلس الوطني المستقل لمستخدمي التدريس للقطاع ثلاثي الأطوار للتربية، والنقابة الوطنية المستقلة لأساتذة التعليم الثانوي والتقني (تعرف باسم الكناباست)، والمنظمة الجزائرية لأساتذة التربية (الإسلامية)، ومجلس أساتذة الثانويات الجزائرية، أنها نقابات غير تمثيلية بناءً على قرار وزارة العمل، بما يعني عدم التعامل معها كونها لا تحوز على الانخراطات المطلوبة قانونًا، أي ربع عدد المعلمين أو الفئة التي تمثلها هذه النقابات.
حذر الوزير الجزائري النقابات الأربع من الدعوة إلى الإضراب، لكون أن "لجوء المنظمات النقابية غير التمثيلية إلى الإضراب، يُعدُّ خرقًا للقانون يستوجب اتخاذ الإجراءات القانونية المعمول بها في هذا المجال، والتي قد تصل إلى حل التنظيم القابي وشطبه من لائحة النقابات المعتمدة، وينص ممارسة الحق النقابي على منح الحق في اللجوء إلى الإضراب فقط للمنظمات النقابية التمثيلية (التي تحوز صفة التمثيلية بناءً على قرار وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي بعد استيفاء شرط 25% من مجموع الفئة التي تمثلّها). مشيرًا إلى أنه "مع حماية حق الشركاء الاجتماعيين في ممارسة حقهم النقابي بكل حرية، لكنه يتوجب تطبيق القانون بصرامة".
كانت النقابات الأربع، المجلس الوطني المستقل لمستخدمي التدريس للقطاع ثلاثي الأطوار للتربية، والنقابة الوطنية المستقلة لأساتذة التعليم الثانوي والتقني، و المنظمة الجزائرية لأساتذة التربية (الإسلامية)، ومجلس أساتذة الثانويات الجزائرية، قد نفذت، اليوم الاثنين، إضرابًا وشل للمؤسسات التعليمية، ضمن إضراب دوري كل يوم اثنين تقرر منذ 11 فبراير الجاري، للمطالبة بمراجعة عاجلة للقانون الأساسي للمعلم والأستاذ الذي أصدره الرئيس عبد المجيد تبون نهاية ديسمبر كانون الأول الماضي، وتضمن بنودًا تحفظت النقابات بشأنها، خاصة ما يتعلق بالتعويضات المادية والحقوق الاجتماعية للمعلمين.
في 13 فبراير/شباط الماضي طالبت وزارة التربية، مجموع النقابات النشطة في القطاع، والتي يتجاوز عددها 20 نقابة، استيفاء شروط المُطابقة مع القانون ومتطلبات الصِفة التمثيلية التي نص عليها القانون ممارسة الحق النقابي، وتسلمت الوزارة من 13 نقابة فقط، مقترحات وملاحظات حول القانون الأساسي والنظام التعويضي الجديد، والذي جرى رفض بعض تدابيره من قبل النقابات والمعلمين، وذلك تمهيدًا لصياغة مشروع تعديل يحظى بتوافق الجميع. ومتوقع أن يفتح قرار الحكومة رفع التمثيلية عن النقابات الأربع والأبرز في قطاع التعليم في الجزائر، صدامًا مباشرًا بين الطرفين، كما يعد هذا القرار أول امتحان جدي للحكومة بشأن التطبيق الصارم لقانوني ممارسة العمل النقابي، والوقاية من النزاعات الجماعية في العمل وحق الإضراب، واللذين كانا قد أثارًا منذ طرحهما في فبراير 2023، جدلًا سياسيًا ومدنيًا كبيرًا، فقد كانت كبرى أحزاب المعارضة في البلاد، قد طالبت بسحبه وتعديله.
كما دعى تكتل يضم 31 نقابة عمالية مستقلة من كل القطاعات خاصة الصحة والتعليم والإدارة العمومية في الجزائر، إلى سحب هذين القانونين، واعتبره "مساسًا خطيرًا بالحقوق الدستورية والحريات النقابية". لكن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون تمسك بهذه القوانين، بزعم "إعادة تنظيم الساحة النقابية والحد مما اعتبره فوضى تشهدها الحقل العمالي، وقال إنه ليس من المعقول أن تكون هناك 34 نقابة في وزارة واحدة (التربية).
تتضمن مسودة قانون الحق النقابي اشتراطات مشددة للسماح بانشاء النقابات، والاعتراف بتمثيلها إلا في حال حصلت على 25% من انخراط العمال في قطاعها، ويسمح للسلطات بحل النقابات عبر القضاء، ويمنع النقابيين من الجمع بين النشاط النقابي والنشاط السياسي، فيما يضع قانون الحق في الإضراب شروطًا مشددة قبل إعلان أي اضراب، ومحصور كحق للنقابات التمثيلية، ويهدد القانون النقابات التي تنفذ إضرابات دون الشروط الواجبة بالحل والشطب.