الأخبار ـ رشيد الحداد
على رغم الآثار البالغة الناتجة من استهداف صنعاء عمق الكيان "الإسرائيلي" في "تل أبيب" بعملية جوية جديدة نُفّذت بصاروخ فرط صوتي، فجر أول من أمس، وتُعدّ الثانية من عمليات "المرحلة الخامسة"، إلا أنها مجرد بداية لمرحلة "الوجع الكبير" التي تنوي صنعاء المضي فيها في إطار وحدة الساحات، لإجبار الكيان "الإسرائيلي" على وقف الحرب ورفع الحصار عن قطاع غزّة والامتناع عن أي تصعيد ضدّ لبنان. وأكّد ذلك وزير إعلام صنعاء، هاشم شرف الدين، في تصريحات صحافية في أعقاب الهجوم، الذي جاء بعد ساعات من تهديد رئيس حكومة الكيان الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بتوسيع العمليات على الجبهة الشمالية مع لبنان.
وفي الوقت الذي تستعد فيه صنعاء للرد على أي رد "إسرائيلي" بعمليات غير مسبوقة، بعد تهديدات نتنياهو لها بدفع ثمن باهظ لاستهداف تل أبيب، تمكّنت الدفاعات الجوية التابعة لقوات صنعاء، أمس، من إسقاط طائرة مُسيّرة أميركية متطورة من نوع "أم كيو 9"، أثناء قيامها بأعمال عدائية لمصلحة العدوّ "الإسرائيلي" في أجواء محافظة ذمار. وقال المتحدث العسكري باسم حركة "أنصار الله"، العميد يحيى سريع، إن دفاعات صنعاء استخدمت صاروخ أرض - جو في إسقاط الطائرة الأميركية، التي تُعد الثالثة من نوعها التي تسقطها صنعاء في غضون شهر، والعاشرة منذ مطلع العام الجاري، مؤكدًا أن العملية تأتي ضمن "معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس" إسنادًا للمقاومة في قطاع غزّة.
وردًا على التشكيك في القدرات اليمنية الذي تعاملت به وسائل إعلام عربية، نشر الإعلام الحربي التابع للقوات المسلحة اليمنية، مساء أمس، شريط فيديو يتضمّن مشاهد لعملية إطلاق الصاروخ الفرط صوتي "فلسطين 2" الذي يصل مداه إلى 2150 كيلومترًا وسرعته 16 ماخ ويعمل بالوقود الصلب على مرحلتين، وقادر على التخفي ومناورة أقوى وأحدث منظومات الدفاع الجوي في العالم، بما فيها القبة الحديدية.
وأظهرت المشاهد أن الصاروخ اتّبع مسارًا دائريًا عبر الأجواء الدولية، وتم إطلاقه في مسار منحنٍ طويل ثمّ بدأ من علو مرتفع في الانحدار نحو هدفه من الشرق. وأشار خبراء إلى أن الصواريخ الفرط صوتية، تتميّز بقدرتها على التحرك بتقنيات متقدّمة تجعلها قادرة على تنفيذ مسارات غير تقليدية.
وفي البيان الذي تلاه بعد هجوم الأحد، أكّد سريع أن الصاروخ استهدف مواقع عسكرية حساسة في عمق الكيان وأصاب هدفه بدقة، مشيرًا إلى أنه تمكّن من قطع مسافة 2040 كيلومترًا خلال 11.50 دقيقة. وقال مصدر عسكري في صنعاء، لـ"الأخبار"، إن العملية الصاروخية اليمنية، وهي الثانية في إطار عمليات "المرحلة الخامسة" بعد هجوم مُسيّرة "يافا" التي أوقعت قتيلًا إسرائيليًا في "تل أبيب" في مطلع تموز الماضي، حملت دلالات متعدّدة وعكست مدى تطوّر القدرات العسكرية اليمنية خلال الشهرين الماضيين، مشيرًا إلى أن "صنعاء كانت بحاجة إلى تطوير قدرات قواتها الصاروخية بشكل أكبر، بما يمكّنها من تجاوز منظومات الدفاعات الجوية السعودية والأردنية والمصرية والأميركية والبريطانية و"الإسرائيلية"، لتصل إلى عمق الكيان الإسرائيلي".
وأبلغت مصادر مقرّبة من حكومة صنعاء، بدورها، "الأخبار"، بأن "الاستهداف الصاروخي الجديد ضدّ تل أبيب، لا علاقة له بالرد اليمني على العدوان على الأعيان المدنية في محافظة الحديدة في تموز، بقدر ما يُعد تدشينًا لمرحلة جديدة من العمليات اليمنية" كان كشف عنها قائد حركة "أنصار الله"، عبد الملك الحوثي، في أكثر من خطاب سابق، حين هدّد بعمليات نوعية تتجاوز كلّ حسابات العدوّ الإسرائيلي، وهو ما حدث في العملية الهجومية الأخيرة. كما أن بيانًا مشتركًا لوزارة الدفاع في صنعاء ورئاسة الأركان العامة، صدر السبت الماضي بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف، كشف عن نيّة صنعاء تنفيذ سلسلة عمليات هجومية واسعة ضدّ الكيان في إطار "المرحلة الخامسة". وأكّد البيان أن "صنعاء أعدّت واستعدّت لتنفيذ عمليات هجومية غير مسبوقة تفوق حسابات العدو"، مضيفًا أن "ثمة مفاجأة وشيكة وصادمة للعدو".
وبالإضافة إلى الصدمة التي شكّلها الهجوم في أوساط العدو، ودفْعه نحو مليوني مستوطن إلى الملاجئ، كشفت العملية هشاشة أحدث الأنظمة الدفاعية للكيان الإسرائيلي؛ إذ إن جيش العدوّ اعترف بفشله في صدّ الصاروخ الذي أماط اللثام عن تقنيات متطورة، على رغم محاولته التقليل من أثره. على أن وصول الصاروخ - الذي دخل الخدمة بهذه العملية - إلى عمق الكيان، واختراقه منظومات "حيتس" والقبة الحديدية وغيرها، كلّ ذلك كشف أيضًا فشل العمليات الجوية الأميركية والبريطانية في إضعاف قدرات قوات صنعاء البحرية والجوية.