المثير للسخرية أنّه اختار ذكرى الاستقلال (22 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل) تاريخًا لعودة الطبعة الورقية من الصحيفة بعدما أقفلت في شهر حزيران (يونيو) الماضي. هكذا، أراد استغلال المناسبة الوطنية لإطلاق مشروعه الإعلامي الذي لن يكون مختلفًا عن توجّهات mtv السياسية التي تقوم على الفتنة واستعداء حركات المقاومة في المنطقة والتسويق للمشاريع التطبيعية.
منذ أسابيع، يعمل المرّ على تشكيل فريق التحرير وتجهيز المكاتب في «استديو فيزيون» (النقاش ـــ شمال بيروت)، ليكون مقرًّا لـ «نداء الوطن» التي مرّت في السنوات الماضية بمطبّات كثيرة. إذ إنّ الصحيفة التي أعيد إطلاقها العام 2019 مع رجل الأعمال الراحل وصاحب شركة «مكتف للصيرفة» ميشال مكتف الذي توفي العام 2022، أغلقت مكاتبها في شهر حزيران (يونيو) الماضي بعد مشكلات وأزمات مالية أدّت إلى صرف جميع موظفيها. لاحقًا، اشترى المرّ امتيازها ليُعلن التحاقها بـ «إمبراطوريته» الإعلامية إلى جانب توليه إدارة mtv و«استديو فيزيون».
تأتي عودة «نداء الوطن» إلى الساحة الإعلامية، لتطرح علامات استفهام حول سياستها التحريرية المنتظرة، وخصوصًا أنّ صدورها يتزامن مع ظروف استثنائية يشهدها البلد. في هذا السياق، تلفت المعلومات إلى أنّ ميشال المرّ أوكل مهمات رئاسة التحرير إلى الصحافي أمجد اسكندر الذي اختار فريق «نداء الوطن» الجديد وبات جاهزًا لإصدار العدد الورقي المتنوّع في أقسامه بين الرياضة والثقافة والسياسة.
لكن عملية اختيار الصحافيين لم تتم بناء على خبرتهم، بل وفقًا لانتماءاتهم السياسية، وتحديدًا مسألة معاداتهم للمقاومة. وتلقّى عدد من الصحافيين القدامى في «نداء الوطن» عروضًا لعودتهم إلى الصحيفة، لكنها قوبلت بالرفض لأسباب عدة، من بينها الرواتب المنخفضة التي قدّمها المرّ إليهم، إلى جانب تساؤلاتهم الكثيرة حول مستقبل «نداء الوطن» في ظل الأزمة الورقية التي تمر بها الصحافة اللبنانية، وأدت إلى وقف عدد كبير من المنابر. أضف إلى ذلك أنّ المرّ لا يملك خبرة في عالم الصحافة الورقية، وتلك نقطة ضعف كبيرة في ظلّ التحديات الكثيرة التي تواجه الصحافة الورقية عمومًا، وخصوصًا في لبنان.
بالفعل، في بداية استحواذه على امتياز «نداء الوطن»، حار المرّ بين مسألة الاكتفاء بإطلاق الصحيفة إلكترونيًا أو طباعتها ورقيًا، ثم الاتجاه لاحقًا إلى الـ«نيو ميديا»، ليقرر أخيرًا المضي قدمًا بطباعة العدد الورقي وبدء التحضير له عبر تخصيص مكاتب للصحيفة في «استديو فيزيون» والاستعداد لإصدار العدد صفر. وتكشف المعلومات أنّ المرّ وضع خطة لإطلاق «نداء الوطن» تقضي بطباعة قرابة سبعة آلاف نسخة ورقية في الفترة الأولى من عمل الصحيفة، وتوزيعها مجانًا على المحلات التجارية والمنازل وبعض المسؤولين والنواب. علمًا أنّ الصحيفة كانت تطبع سابقًا قرابة ألفي طبعة كحدّ أقصى. بهذه الخطوة، سيُغرق المرّ السوق اللبناني بأعداد الصحيفة، ليروّج لمشروعه الإعلامي الذي يطرح نفسه، بشكل أساسي، منبرًا تحريضيًا على المقاومة.
تشير المعلومات إلى أنّ غالبية الأعداد الجديدة ستوزع مجانًا ضمن قرى وبلدات المتن الشمالي وكسروان (محافظة جبل لبنان)، وستترافق الانطلاقة مع حملة إعلانية واسعة ستبثّ على شاشة mtv ولوحات إعلانية ستغزو الطرقات. وتلفت المعلومات إلى أن المرّ سيستغل ترؤسه للقناة اللبنانية، لتكون الواجهة الأساسية للترويج لمشروع الجديد، على أن يقيم تعاونًا بين برامج mtv والمحتوى الإعلامي للصحيفة. وقد تعاقد المرّ مع صحافيين للعمل في قسم الاقتصاد، وغالبيتهم معروفون بمواقفهم الداعمة للمصارف اللبنانية.
أما في القسم السياسي لـ«نداء الوطن»، فقد شارك صالح نهاد المشنوق في اختيار بعض الصحافيين المعروفين بمواقفهم المعارضة للمقاومة، ليكون المشنوق بمنزلة مستشار للجريدة وشريك أساسي في اختيار الموظفين، مع العلم أنّ المشنوق المدعوم خليجيًا يتحضّر لتقديم برنامج سياسي على قناة «المشهد» الإماراتية.