ركّزت المقاومة الإسلامية، في اليومين الماضيين، على مهاجمة قواعد ووحدات إسرائيلية ذات أهمية استراتيجية، يشكّل استهدافها تخبّطاً في منظومة القيادة في الجبهة الشمالية جواً وبحراً وبراً. وأبرز هذه القواعد، مقر قيادة المنطقة الشمالية في «قاعدة دادو» شمال غرب صفد، ومقر وحدة المهام البحرية الخاصة «شييطيت 13» في قاعدة عتليت التابعة لسلاح البحرية على ساحل البحر المتوسط جنوب حيفا.تُعتبر «قاعدة دادو»، على عمق 12 كلم من الحدود اللبنانية، من أقدم القواعد الإسرائيلية، إذ أُنشئت عام 1947، أي قبل إعلان دولة الاحتلال، وتبلغ مساحتها 240 ألف متر مربع، وتضم عدداً كبيراً من منظومات القيادة والسيطرة المعنية بتنسيق العمليات على امتداد الجبهة مع لبنان، وتحتوي على مبانٍ للقيادة و4 أبراج اتصالات وقسم للمخازن القيادية ومبانٍ لمبيت الضباط والجنود وكتيبة الهندسة القتالية والشرطة العسكرية ومهبط للمروحيات.
تولّت القاعدة إدارة كل الاعتداءات والاجتياحات التي تعرّض لها لبنان إضافةً اإى المعارك ضد سوريا في حربي 1967 و1973، كما قادت أكبر مناورة أجراها جيش العدو في الجبهة الشمالية استعداداً لشن حربٍ على لبنان وسوريا، وتتولّى حالياً قيادة الفرق المعنية بالعمليات على الجبهتين اللبنانية والسورية، والتي تشمل الفرقة 91 المقابلة للمحور الشرقي والفرقة 146 المقابلة للمحور الغربي والفرقة 210، إلى جانب قيادة كل الفيالق العسكرية التي تلحق بالمنطقة الشمالية.
خلال الحرب الحالية، استهدف حزب الله القاعدة 3 مرات، الأولى في كانون الثاني الماضي رداً على اغتيال الشهيد صالح العاروري في الضاحية الجنوبية لبيروت واغتيال الشهيد القائد وسام الطويل (الحاج جواد)، والثانية في حزيران الماضي، والثالثة الشهر الماضي. وفي المرات الثلاث نُفّذت الهجمات بمُسيّرات انقضاضية، فيما استخدمت المقاومة الصواريخ في هجماتها على القاعدة في اليومين الماضيين.
تُعد «شييطيت 13» وحدة كوماندوس بحرية نخبويةً تتولّى العديد من المهام البحرية الخاصة كتنفيذ الهجمات البحرية وتحصيل معلومات استخباراتية بعد إجراء استطلاعات بحرية خاصة، إضافةً إلى تحرير الأسرى ومداهمة السفن والتصدي لأي هجوم بحري، إضافة إلى التوغلات البرية عبر سواحل الدول الأخرى. وتشمل الوحدة عدة فرق، أبرزها «الضفادع البشرية» المسؤولة عن المهام المعقّدة التي تُنفّذ تحت الماء، وفرقة تنفيذ العمليات فوق الماء التي تقوم بمهام بحرية مثل مهاجمة السفن والشواطئ، والفرقة البرمائية التي تتولى الهجومات البرية والبحرية وتنفيذ الاغتيالات والمهمات الخاصة.
أُسست الوحدة عام 1949 على أيدي أعضاء وحدة «باليم»، وهي القوة البحرية لمنظمة «بالماخ» العسكرية الإسرائيلية، غير أنه لم يتم الإعلان عنها لغاية عام 1960. وقد خدم وزير الدفاع الحالي يؤاف غالانت في صفوفها، قبل أن يترأسها بين عامي 1993 و1997، وتُصنف حالياً من أفضل الوحدات الخاصة في دولة الاحتلال ورأس حربة جيشه. وشاركت الوحدة في كل الحروب التي خاضتها إسرائيل منذ تأسيسها إلى جانب المهام والعمليات الخاصة، واحتلت عام 2019 المرتبة الثالثة بين أقوى الوحدات الخاصة في العالم (تصنيف موقع «رانكد ريد الأميركي») إلا أنها سجّلت العديد من الإخفاقات، ففي حرب عام 1967 تمكّنت مصر من احتجاز 6 عناصر من الوحدة خلال محاولتهم تنفيذ عملية خاصة في الإسكندرية، وفي معركة «الجزيرة الخضراء» بالتعاون مع وحدة «سيريت متكال» قُتل حوالي نصف أفراد الكوماندوس الإسرائيلي وأُغرق عددٌ من الزوارق، وأُجبر الباقي على الانسحاب. وفي عدوان تموز 2006 أقّر العدو بفشل عملية عسكرية نوعية لقوات النخبة في الوحدة في صور، لأسر أحد قياديي حزب الله، بعد إحباط حزب الله عملية إنزال شارك فيها 92 جندياً أُجبروا على الانسحاب نحو شاطئ صور قبل أن تنقلهم مروحيات سلاح جو العدو. قبل ذلك، في أيلول عام 1997، وقعت فرقة من الوحدة في كمين لحزب الله قرب بلدة أنصارية وهي في طريقها للقيام بإحدى العمليات، ما أدى إلى مقتل 11 جندياً إسرائيلياً، على رأسهم قائد الفرقة.
ولهذه الوحدة تاريخٌ طويل مع لبنان، حيث اخترقت مرفأ بيروت عام 1958، وأغارت برفقة قوات خاصة أخرى على مدينتي بيروت وصيدا عام 1973 ما أسفر عن استشهاد 20 شخصاً من بينهم ٣ قياديين في حركة فتح، وفجّرت على فترات متعددة سفناً بحرية قبالة الشواطئ اللبنانية، وتولّت خلال الاجتياح النقل اللوجستي والبشري إلى البر اللبناني.