فقدت مدينة بعلبك الكثير من ألقها وحركتها التجارية، فبعدما كانت الحياة تدبّ في أسواقها، باتت اليوم ساكنة وتكاد تقتصر الحركة الاستهلاكية فيها على المواد الغذائية فقط. لم تعد هناك محالّ مفتوحة إلا محالّ «الأكل»: مواد غذائية وخضر ولحوم ودجاج. أما المطاعم والمقاهي والأسواق ومحالّ العطور والأدوات المنزلية والملابس وغيرها، فقد باتت بلا زبائن بسبب التهديدات التي تتعرّض لها المدينة وجوارها. ومنذ أن دخلت محافظة بعلبك - الهرمل دائرة التصعيد الصهيوني، تواجه المحالّ التجارية والتعاونيات وغيرها صعوبة في إقناع الشركات والتجار الكبار وسائقي الشاحنات بتوصيل البضائع إليهم، بغض النظر عن التكاليف الإضافية التي قد يتكبّدونها. وهذا ما أشار إليه صاحب متجر لبيع البهارات، حيث اضطر إلى دفع سعر لصاحب شاحنة توصيل البضائع أعلى من المتفق عليه «ولم يكن أمامي خيار سوى الموافقة بسبب حاجتي إلى البضاعة».
غير أن هذه «المغريات» لم تسعف في عودة كل شيء إلى طبيعته، بسبب تخوّف أصحاب الشاحنات من الدخول إلى بعلبك بعدما باتت منطقة مهددة، وهو ما تبلّغه بعض أصحاب المحالّ من التجار الذين تواصلوا معهم، خشية تعرّض شاحناتهم للقصف نتيجة عشوائية الأهداف، معيدين التذكير بما حصل في منطقة العين البقاعية، حين أغار العدوّ على شاحنة مساعدات كانت بمواكبة الصليب الأحمر. وانعكس التخوف من الاستهداف أيضاً على عملية نقل المساعدات الإنسانية إلى مراكز الإيواء في بعلبك - الهرمل ومنازل المواطنين، ما دفع بالمحافظ بشير خضر إلى طلب مساندة الجيش اللبناني لتوفيرعملية نقلٍ آمنة لنقل المساعدات. وفي السياق نفسه أيضاً، أشار الدكتور حسين حسن، رئيس جمعية «تعايش وإنماء» التي تقوم بتوزيع مساعدات لأهالي المنطقة، إلى أن العمل جارٍ اليوم مع بنك الغذاء العالمي والصليب الأحمر اللبناني لنقل الوجبات عبر آليات الأخير، كونها «محميّة إلى حدٍّ ما».
قصف مختلف المعابر بين لبنان وسوريا كانت له أيضاً آثاره على بعلبك وعلى مختلف مناطق المحافظة بسبب اعتماد المحالّ التجارية فيها وناسها على البضائع السورية التي تتميز بأسعار تناسب القدرات. ومع امتناع الشركات والتجار عن توصيل البضائع وإقفال المعابر، باتت بعلبك – الهرمل بأكملها، فعلياً، تحت حصار غير معلن.