أوراق اجتماعية

البنك الدولي: 4.9 مليارات دولار «الأضرار والخسائر» في 12 شهراً

post-img

يقدّر البنك الدولي بأنّ الأضرار والخسائر التي تعرّض لها لبنان بفعل الصراع مع «إسرائيل» بلغت 4.9 مليارات دولار منذ 8 تشرين الثاني 2023 ولغاية 27 تشرين الثاني 2024، وأن الناتج المحلي الإجمالي انكمش بنحو 5.7%، وأن القطاعات الأكثر تضرراً هي السكن بكلفة إجمالية بلغت 3.18 مليارات دولار، الشقّ الأكبر منها هو أضرار مباشرة وغير مباشرة أصابت 99 ألف وحدة سكنية.

أصدر البنك الدولي تقريراً أمس بعنوان «لبنان: تقييم الخسائر والأضرار» يميّز فيه بين الأضرار والخسائر على أساس قطاعي. فالأضرار التي نتجت من القصف الذي تعرّضت له منشآت قطاع ما، تختلف عن الخسائر التي تكبّدها بسبب الإغلاق القسري الناشئ من نزوح العمال أو أصحاب العمل أو لأسباب أخرى مرتبطة بالحرب مثل تركّز الاستهلاك على الأساسيات من دون سائر السلع، أو صعوبات في سلاسل التوريد منعت توصيل البضائع إلى مكان ما أو دفعت المورّدين إلى تقنين إرسالها. وتقاس الخسائر على أساس تداعيات مستمرة خلال 12 شهراً.

هو ليس تقريراً نهائياً وحاسماً، بل هو مبنيّ على تقديرات للخسائر والأضرار. بمعنى أن هامش الخطأ فيها ليس فقط وارداً، بل هو أكيد، ونسبته ليست بسيطة، كما أنه باستمرار الحرب، فإنه ليس دقيقاً أو نهائياً.

يقول التقرير إن عدد النازحين بلغ 1.3 مليون شخص، وإن الأضرار في قطاعات الإسكان والتجارة والصحة والسياحة والضيافة والزراعة والبيئة والتعليم بلغت 3.4 مليارات دولار، بينما بلغت قيمة الخسائر في هذه القطاعات نحو 1.5 مليار دولار. هذه عبارة عن خسائر اقتصادية يُتوقّع أن تواصل القطاعات تكبّدها ربطاً باستمرار «الصراع» واستمرار تداعياته التي تشمل قطاعات أخرى إنما بدرجة أقل من الأضرار والخسائر.

بنتيجة هذا الأمر، يُتوقع أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في لبنان بنحو 5.7% في عام 2024 مقارنة بتقديرات سابقة بأن ينمو الاقتصاد بنحو 0.9%. فالدمار إلى جانب النزوح، أطلقا انخفاضاً هائلاً في الاستهلاك الذي كان يبلغ 134% من الناتج المحلي في عام 2023، وبالتالي سُجّل تباطؤ سريع وملحوظ في النشاط الاقتصادي. لقد انكمش اقتصاد لبنان منذ بدء الأزمة الاقتصادية في عام 2019 بنسبة 34%، ما ألغى 15 سنة من النمو الاقتصادي. وقد اتّسمت هذه المرحلة بمسار انحداري رسم طريقاً للتعافي يتأثّر بالتوقف عن الدفع، الأزمة المصرفية النظامية، محدودية رأس المال، تضرر كبير في الخدمات العامة. الأضرار والخسائر في ظل هذا الوضع، لها نتائج قد تمتد لسنوات مقبلة، فعلى سبيل المثال هناك أثر كبير على رأس المال البشري في كل القطاعات الاقتصادية، وهذا ما سينعكس على النمو الاقتصادي وفرصه واحتمالاته في المستقبل المتوسط والأبعد.

يقدّر البنك الدولي بأن الأضرار في قطاع الزراعة بلغت 124 مليون دولار، وأن الخسائر بلغت 1.1 مليار دولار. فالبقاع والنبطية والجنوب هي محافظات تتسم بمساحات زراعية، تؤمّن السلع الزراعية للأسواق المحلية والعالمية. فعلى سبيل المثال، إن محافظة الجنوب وحدها مسؤولة عن 80% من أشجار الحامض و64% من أشجار الموز، و15% من أشجار الزيتون... ليس الأمر ناتجاً من القصف المباشر، بل من صعوبة الوصول إلى البساتين وقطاف المحاصيل ونقلها وبيعها.

وبحسب التقرير، فإن الأضرار التجارية بلغت 178 مليون دولار بسبب القصف الذي تعرّضت له المؤسسات التجارية في مناطق «الصراع» والكلفة الأعلى كانت في مناطق صيدا وصور والنبطية ومرجعيون وبنت جبيل. أما الخسائر فقد بلغت 1.7 مليار دولار، وهي ناتجة بشكل أساسي عن نزوح العمال وأصحاب الأعمال واضطرابات سلاسل التوريد واقتصار الاستهلاك على الأساسيات.

في قطاع التعليم قُدّرت الخسائر بنحو 215 مليون دولار بناءً على خسائر الأقساط. فقد استُخدمت عدة مدارس رسمية وعدة مدارس خاصة كمراكز إيواء للنازحين. صحيح أن بعض المدارس تعرّضت لأضرار مباشرة من القصف، إنما يشير التقرير إلى أنها لم تُذكر وأن ما أشير إليه هو فقط يتعلق بالخسائر الناتجة من العام الدراسي بالإضافة إلى أكلاف إضافية متعلقة بالتعليم المؤقّت وخسائر إيرادات المدارس الخاصة. كما أن الأثر المرتبط بالتعليم سيكون طويل المدى وسيؤثّر على التطوير البشري والاقتصادي.

ويقدّر البنك بأن الأضرار التي لحقت بالبيئة بلغت 221 مليون دولار، وهي ناتجة من التداعيات على الموارد الطبيعية وعلى إدارة الصرف الصحي. كما بلغت قيمة الخسائر في هذا القطاع نحو 214 مليون دولار، وهي ناتجة من الخسائر التي لحقت بعمليات إعادة التدوير والنشاطات المرتبطة بها بالإضافة إلى أعباء جديدة على إدارة الصرف الصحي الناتجة من النزوح.

في قطاع الصحة، يُقدّر بأن قيمة الأضرار المباشرة من القصف بلغت 74 مليون دولار، إذ أصيبت 31 مستشفى و26 مركز رعاية أولية. وبلغت قيمة الخسائر 338 مليون دولار، وهي ناتجة من الأكلاف الإضافية المتعلقة بعلاج الجرحى والمرضى أثناء الحرب وعلاج النازحين أيضاً وضعف قدرة المؤسسات وتراجع رغبة العاملين في القطاع على تقديم الرعاية، ما يرفع نسبة الموت.

أكبر الأضرار أصابت قطاع السكن، إذ طاول التدمير بشكل كامل أو جزئي نحو 99 ألف وحدة سكنية بقيمة مقدّرة بنحو 2.8 مليار دولار. وبلغت الخسائر الناتجة من توقف العمل في هذا القطاع لمدّة 12 شهراً 389 مليون دولار، إذ خسر القطاع إيرادات تأجير وتشغيل، ورواتب وأجوراً محلية وضرائب.

وتكبّد قطاع السياحة أضراراً بقيمة 18 مليون دولار، بينما سُجّلت خسائر بقيمة 1.1 مليار دولار بسبب انخفاض عدد السياح وقيود السفر، ما انعكس على حركة إشغال الفنادق والمطاعم وسائر الأعمال المرتبطة بهذا القطاع.

166 ألف نازح

هؤلاء فقدوا أعمالهم من أصل 875 ألف نازح داخلي وفق تقديرات البنك الدولي وقيمة ما خسروه مقدّرة بنحو 168 مليون دولار

الخسائر النهائية أكبر بكثير

يقدّر البنك الدولي بأن الأضرار والخسائر الناتجة من الصراع ستفوق التقديرات بشكل ملحوظ، إذ بُنيت هذه التقديرات على قراءة وتحليل قطاعات مختارة يُعتقد بأنها الأكثر تأثّراً، لكن هناك قطاعات أخرى تضررت وتكبّدت الخسائر أيضاً مثل الطاقة والنقل والثقافة والخدمات البلدية والمياه. كما أن الحرب مستمرة ولم تتوقف حدّتها عند إعداد هذا التقرير بل زادت، وتوسّعت في مناطق مختلفة من الجنوب وبيروت والشمال.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد