بصدوركم ذدتم عن الوطن، صنتم عزّته، حفظتم كرامته، بذلتم الأرواح والأرزاق. أسخياء أطللتم على العالم بالدم، بالشهادة. أنتم أهل الأرض ومواسم الحقول. معنى الأرض أنتم، روحها، شجرها وترابها، شمسها وهواؤها، عطرها وياسمينها. بكم تليق صفة «أبناء الأرض»، أبناء جنوب الخير والقطاف، بقاع المدى والحصاد. أنّى جالسناكم كانت الألفة والكرم، زاد الخير والبركة. أقسم بأنكم الطيبة متجسّدة في قوم منثورة قراهم فوق التلال أو عند السفوح، تفتح قلبها وذراعيها لكل زائر وعابر سبيل. محبّون أنتم، ناس ضيافة وحسن وفادة، قوم أصالة ورجولة وفطنة وظرف ومروءة، وأدب وشعر من جبل عامل الثرّ فكراً وخصب عطاء. أنتم كل ما يتمنّاه إنسان في إخوة له في الوطن.
بئسه مَنْ لا يبصر اليوم جليل تضحياتكم المؤلمة، ومَنْ لا يملك إزاء مأساة تتنكّبونها من أجل الوطن، كل الوطن، إلّا الشماتة أو الانتقاد. بئسهم هؤلاء كم هم صغار النفوس، مبغضون، حاقدون، منعدمو الشعور الوطني، فاقدو البصر والبصيرة، متعامون عمداً من فرط أحقادهم عن رؤية ملاحم القتال البطوليّ الذي خاضه أسطوريّو البأس والشجاعة عند الحافة الأمامية من جنوب لبنان، وقد أضحى جنوب العالم الحرّ بأسره. ما اجترحه المقاومون البواسل تحت جحيم الغارات الصهيونية الوحشية الإبادية إنّما يفوق القدرات البشرية، مشحونٌ بالإيمان واللهفة إلى الشهادة فداءً لاثنين نشأ المجاهد على عشقهما، تربيةً وعقيدةً، وتدميه شهادتهما، الإمام الحسين والسيد حسن نصر الله جرح المقاومة والوطن والأمة الذي لن يبرأ.
لقد أريتم العالم كلّه، قاصيه ودانيه، أنّكم أهل عزّة وأنفة وكبرياء، وأنّكم الأوفى للأرض والأكثر تجذّراً فيها وثباتاً، والأبعد عن شعارات السيادة المنافقة والجوفاء.
الوطن لمستحقّيه. الوطن لأهل البذل والصدق والشهادة، للخليقين به، للرجال الرجال، للأباة الأعزّاء الكرماء. فليستحِ من يجرؤ على تبخيس دم الشهادة وضنى الميدان. ننحني جميعاً لبطولات المجاهدين الأبطال الذين أدهشوا العالم وخذلوا المراهنين على هزيمتهم من هيامى الغرب ورافعي شعار «حب الحياة» الأجوف. لا نستطيع أن نحبّ الحياة من غير أن نحبّ التضحية والشهادة في سبيل الوطن، أو نقدّر في الأقلّ مَنْ يبذلهما بروحه وجسده ورزقه.
تحية إكبار وإجلال يا أهل النصر، يا شيعة بلدي. أنتم معنى الأرض، معنى الوطن.