تلملم مدارس وثانويات قرى الحافة الأمامية والمحاذية لها آثار الحرب بمفردها، فالمدارس، راهناً، خارج سلم أولويات البلديات، ووزارة التربية «خارج التغطية». المديرون الذين أرسلوا إلى مديريات الوزارة صوراً بالأضرار ورسائل بالحاجات لم يتلقوا، بعد، اتصالاً منها بشأن آلية متابعة الترميم وإعادة البناء للمدارس المدمرة وعددها ثمانٍ، وعلى نفقة من سيجري كل ذلك. حتى الآن، لم ترسل الوزارة فرقها الهندسية للكشف الميداني ومعاينة الأماكن المتضررة، أو بالحد الأدنى لسحب المعدات والتجهيزات والملفات الإدارية التي تقع تحت مسؤوليتها والتي لا تزال سليمة. السؤال الوحيد الذي تطرحه الوزارة على المدارس اليوم يدور حول شكل التعليم إذا كان حضورياً أو «أونلاين». وبحسب مصادر المديرين، فإن الكشف لم يحصل حتى في مدارس القرى المحاذية وليس فقط في القرى الحدودية التي تقول الوزارة إنها غير آمنة ولا تستطيع زيارتها في الوقت الحالي وتترقب جلاء الصورة، علماً أن الوزارة لم تحول إلى المدارس حتى الآن أي أموال يفترض أن تخصصها الجهات الدولية المانحة للصيانة والترميم. وعلمت «الأخبار» أن الكشف لم يطل أيضاً المدارس المتضررة في الضاحية الجنوبية لبيروت بسبب وجود الردم.
ومع أن وزير التربية، عباس الحلبي، أمهل الإدارات حتى نهاية الشهر الجاري لمسح الأضرار وتقييم أوضاعها وإجراء أعمال الصيانة المطلوبة تمهيداً للعودة الحضورية، بعد عطلة الأعياد، فإن المديرين هناك لم ينتظروا هذه المهلة، بل سارعوا إلى إنهاء أعمال التنظيف، وتصليح النوافذ المخلعة وإقفالها ولو بالنايلون. وفتحت بعض هذه المدارس الصفوف بسبب تعثر التعليم «أونلاين» مع غياب الإنترنت في المنطقة وعدم تسلم الطلاب باقة الـ 20 «جيغابيت» التي وزعتها وزارة التربية بالتنسيق مع وزارة الاتصالات، في حين تواصل المدارس المدمرة وغير الصالحة للاستخدام التعليم من بعد، بالوسائل المتاحة، بما في ذلك التعليم عبر تطبيق «واتساب».
وكانت المدارس قد أنفقت على بعض «التصليحات الصغيرة» من صناديقها غير القادرة على شراء ألواح الزجاج والألمنيوم (تزيد كلفة 10 ألواح عن 2000 دولار)، واستعانت بمبادرات فردية وببعض المتبرعين للقيام بتصليحات أخرى، لكن الضياع لا يزال سيد الموقف لا سيما في المدارس الأمامية، وسط انهمار الأسئلة من أهالي التلامذة عن مصير أبنائهم، خصوصاً أن التسجيل حصل حتى الآن إلكترونياً ولم يقدم التلامذة أي مستندات ولم يدفعوا أي رسوم، فيما المديرون غير قادرين على إعطائهم إفادات للتسجيل في مدارس أخرى. ويرفض مديرون أن يستقبلوا أي تلميذ في مدارسهم وهم مسجلون في مدارس أخرى، ويطلبون أن ينقل تسجيله، في تجاهل كلي لقرار الوزير المتعلق بالتسجيل في المدرسة الأم والحفاظ على كيانها.
كالعادة، ترك المديرون لـ «يقلعوا شوكتهم بأيديهم»، على حد تعبير أحدهم، من دون أن تطرح عليهم أي خيارات بديلة لا من البلدية التي تنصرف لمتابعة احتياجات الناس أو من الوزارة، لجهة استئجار شقق أو مبانٍ يدرّسون فيها ريثما تستكمل أعمال الترميم وإعادة الإعمار، ولا تجري مشاركتهم في أي من المشاريع.