اوراق مختارة

هل يبادر لبنان الرسمي تجاه حكّام سوريا الجدد؟

post-img

الأخبار

يتقاسَم الحدث السوري المشهد السياسي في بيروت، جنباً إلى جنب الملف الرئاسي المتصل بتعقيدات يتداخل فيها المحلي بالإقليمي والدولي، والسياسي بالطائفي والمذهبي، والتحاصصي المرتبط بالتوازنات في بلد يشعر بأنه بدأ يفقد توازنه منذ سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد. وتواصل القوى السياسية استطلاع المدى العملي الذي يُمكن أن تبلغه الصورة في دمشق وعلى امتداد الأراضي السورية، ولا تخفي خشية من مفاعيل الأحداث المتسارعة وتأثيرها على مسار ومصير البلد المرتبط حكماً بقصر الشعب. 

وقد بدأ الهمس عن موقف لبنان الرسمي وحكومته وكيف سيتعامل في المرحلة المقبلة مع هذا التطور؟
توالَت الأسئلة بعد زيارة النائب السابق وليد جنبلاط لدمشق ولقائه القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع. وهي أول زيارة لزعيم لبناني مع رمزية ما يمثّله جنبلاط ومن يمثّل، لبنانياً وعربياً، وموقعه في التركيبة الداخلية وامتدادها في الإقليم، علماً أن زيارة جنبلاط لم تفاجئ أحداً من القوى، بل وجدت لها تبريرات حتى لدى قوى عُرفت بعلاقاتها الوثيقة بالرئيس بشار الأسد، واعتبرت أن جنبلاط «أراد التأكيد على موقع الدروز في الخط العربي مخافة ذوبانهم في أي مشروع تقسيمي مفترض».

وفيما يُنظر اليوم إلى الجهة الثانية التي ستلحق بجنبلاط والزيارات الفردية التي قد تحصل بقرار ذاتي، يترقب كُثر تعامل لبنان الرسمي مع القيادة الجديدة في دمشق ، وما إذا كانت الحكومة اللبنانية ستُبادر إلى فتح قنوات تواصل مع الشرع لتدشين مرحلة جديدة من العلاقات بين الدولتين. وقد تطرّق الرئيس نجيب ميقاتي إلى الأمر في آخر جلسة لمجلس الوزراء الأسبوع الماضي، مؤكداً أن «لبنان يحترم إرادة الشعب السوري وسيادة سوريا، ونريد علاقات ودية تحترم فيها الدولة السورية لبنان وشعبه وسيادته». ولدى سؤاله عن رؤية الحكومة لمعالجة ملف المفقودين، أجاب بأنه كلّف وزير العدل هنري خوري بمتابعة الملف مع لجنة شُكّلت لهذا الغرض.

وحتى الآن، لم يبدأ أي نقاش جدّي لا على المستوى الوزاري أو النيابي ولا في الأوساط السياسية بشأن الموقف الرسمي الموحّد من طريقة التعامل مع القيادة الجديدة. وقالت مصادر وزارية إن «الحكومة تتريّث في اتخاذ القرار وتُراقب ما ستؤول إليه الأحوال وعلى ماذا سيستقر الحكم في سوريا». ولفتت إلى أن «إرسال الدول الأخرى وفوداً رسمية إلى سوريا للقاء القيادة الجديدة في دمشق يعود لعدة أسباب أهمها وجود قيادة موحّدة، أما في لبنان فإن الانقسام السياسي والطائفي يحول دون قدرة لبنان على اتخاذ قرار في هذا السياق». وتضيف المصادر أن «غياب القرار مرتبط أيضاً بشكل كبير بغياب رئيس للجمهورية، وفي حال نجح مجلس النواب في انتخاب رئيس في جلسة 9 كانون الثاني، قد يكون هناك حوار بين مختلف القوى السياسية لمناقشة الملف»، مشيرة إلى أن «كلام الشرع عن أن سوريا ستكون على مسافة واحدة من جميع المكوّنات اللبنانية يحتاج إلى وقت لكي يُترجم بخطوات عملانية يُبنى عليها في ما بعد».
 وفي هذا الإطار، تقول المصادر: «لا يُمكن أن نتغاضى عن مكوّن أساسي ورئيسي وهو حزب الله الذي أكّد أمينه العام الشيخ نعيم قاسم أن التعامل مع الوضع الجديد في سوريا سيكون على أساس المشهد هناك وتعامل القيادة الجديدة»، خصوصاً أن «بعض الجهات اللبنانية تسعى جاهدة إلى توتير الجو بين القيادة في سوريا وحزب الله والطائفة الشيعية عموماً».

وفي هذا الإطار، كشفت مصادر بارزة لـ«الأخبار» عن نقاش يدور على نطاق ضيق بين ميقاتي وبعض السياسيين حول إمكانية تكليف وزير الخارجية عبدالله بو حبيب بزيارة دمشق مطلع السنة الجديدة، وأن النقاش يتطرّق إلى ما إذا كان بو حبيب سيذهب منفرداً أو على رأس وفد. وتشير المصادر إلى أن ميقاتي الذي اتصل بالشرع بعد سقوط النظام في دمشق، يناقش الأمر ليس مع الأطراف المحلية فقط، بل مع بعض الدول العربية، خصوصاً أن غالبية الدول، باستثناء أنقرة والدوحة، لا تزال تتصرّف بحذر مع التطورات السورية.
(الأخبار)

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد