أوراق سياسية

تسليم القرضاوي للإمارات: أين النأي بالنفس والحياد؟

post-img

تفاجأ المعتصمون أمس أمام قصر العدل رفضاً لترحيل الشاعر والمعارض المصري عبد الرحمن يوسف القرضاوي، برد وزير العدل هنري الخوري على محاميه بأن الملف أحيل على مجلس الوزراء، قبل أن يظهر أن الحكومة قررت تسليمه إلى الإمارات.

الرضوخ السريع للضغط الإماراتي، تجاهلت فيه السلطة اللبنانية جملة إشكاليات قانونية: أولاها أن القرضاوي يحمل جواز سفر تركي وهو ما يشكل مخرجاً قانونياً عبر إعادته إلى تركيا، وثانيها أنه كان ممكناً الانتظار لأن ملف الاسترداد المصري لم يكتمل بعد وهو الأولوية، كما يقول قانونيون، نظراً لأن القرضاوي مصري الجنسية، وأوقف في الأساس على معبر المصنع قادماً من سوريا بناء على مذكرة مصرية لتنفيذ حكم قضائي بالسجن 3 سنوات.

علماً أن الإمارات تتهم نجل الراحل الشيخ يوسف القرضاوي، بـ«زعزعة أمنها»، على إثر زيارته سوريا بعد سقوط النظام وبث تصوير يهاجم أنظمة السعودية ومصر والإمارت.

إحالة النيابة العامة التمييزية الملف إلى السلطة السياسية - وهو إجراء يسمح به القانون في قضايا خاصة مماثلة ولكن بعد أن يجد القضاء رجاحة الملف قانونياً - إقرار ضمني بأن القضية سياسية. وبذلك تزداد المسؤولية على الحكومة، إذ يكون لبنان قد قرّر الخضوع المجاني للضغوط الإمارتية، وتجاوز سياسة الحياد التي يتبناها لبنان.

خطورة الخطوة تتمثّل أيضاً في أن السلطة اختارت التسليم لا الترحيل الاختياري، وعلى خلفية ملاحقات مبنية على انتقاد السلطات ورغم خطر التعرّض للتعذيب والانتهاكات، كما حذّرت «منظمة العفو الدولية» في بيانها، الذي وصفت فيه التوقيف بـ«التعسفي»، واعتبرت التسليم القسري مخالفاً للقانون الدولي. يأتي ذلك وسط معلومات عن أن تنفيذ التسليم سينجز قبل المهلة القانونية لطعن محامي الموقوف أمام «مجلس شورى الدولة».

وبعد أن أقدمت السلطة اللبنانية، قبل أيام، على تسليم سوريين فارين إلى الحكم الجديد بتهم سياسية هي الأخرى، ها هي اليوم تسجل ارتكاباً آخر يضرب عرض الحائط ما عهدته بيروت أن تكون ملاذاً آمناً للمعارضين العرب.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد