سارة عليان ـ العهد
تسلك عملية إعادة الإعمار في لبنان مسارًا تصاعديًا، منذ اليوم الأول لوقف اطلاق النار بعد العدوان "الإسرائيلي" الوحشي على لبنان، فالمؤسسات التي أخذت على عاتقها مهمة إعادة الإعمار، بدأت نتائج جهودها الاستثنائية بالظهور على أرض الواقع، وهذا ما انعكس ارتياحًا وانعاشًا في ظروف الناس الاقتصادية والمعيشية لا سيما المتضررين منهم.
بدأت اللجان التابعة لمؤسسة "جهاد البناء" عملها، منذ الأيام الأولى التي تلت الحرب، حيث باشر المهندسون فورًا عملية الكشف في المناطق المتضررة كافة، بالتنسيق والتعاون مع الجهات الرسمية والبلدية. وقد أعلنت المؤسسة، منذ اليوم الأول لانطلاق عملها، أن هدفها الأساسي هو العمل على إعادة الإعمار لتأمين عودة الأهالي الصامدين والمضحّين إلى منازلهم بأسرع وقت ممكن، بالرغم من كل التحديات والصعوبات الخارجية والداخلية التي تعترض عمل هذه المؤسسات.
في إطار متابعة مسار العملية والمراحل التي وصلت لها على صعيد الكشف والبدء بعملية التعويض على المتضررين، أوضح المهندس حسين خير الدين، وهو منسق مشروع إعادة الترميم والإعمار 2024 في مؤسسة "جهاد البناء"، آلية العمل واحتساب بدل الأضرار وكلفة اعادة ترميم الوحدات السكنية، مؤكدًا أنّها عملية معقدة وتحوي مجموعة كبيرة من العناوين, ولذلك؛ هي تتم بحسب الأصول وبتقنية احترافية، وأن الدفع تم لما يزيد عن 40 ألف وحدة سكنية خلال أقل من شهر، ما يشير إلى السير قدمًا في إعانة الأهالي بأسرع ما يمكن.
خير الدين: الدفع لما يزيد عن 40 ألف وحدة سكنية بأقل من شهر
بدوره، أشار منسق مؤسسة "جهاد البناء" في جنوبي النهر المهندس هيثم زيات إلى أن عمليات المسح التي بدأت منذ ما يقارب الشهر، شملت لغاية الآن 270,000 وحدة سكنية في 448 قرية ومربع، يعمل ضمنها أكثر من 950 مهندسًا، أدخل منها 172,000 استمارة الى برنامج الترميم.
عمليات المسح هذه شملت منطقة جبل عامل الاولى، أي قرى جنوب نهر الليطاني (66,367 وحدة)، منطقة جبل عامل الثانية أي قرى شمال نهر الليطاني والبقاع الغربي (68,658 وحدة)، المنطقة الثالثة أي بيروت والضاحية الجنوبية وساحل المتن ( 83,051 وحدة)، المنطقة الرابعة أي البقاع – بعلبك الهرمل (28,609 وحدة) المنطقة الخامسة أي جبل لبنان والشمال(168 وحدة).
حجم الضرر الذي طال المباني الممسوحة توزع بين هدم كلي وهدم جزئي وترميم بمستويات مختلفة، وقد بلغ عدد الوحدات المدمرة 43000 والوحدات المتضررة 317000 بنسبة مضاعفة عن عددها في العام 2006، وفي منطقة جنوب النهر طال المسح 120 بلدة من أصل 160، بحكم أن الـ 40 بلدة المتبقية، والتي لم يكشف على منازلها هي قرى حدودية لمّا يسمح بالدخول اليها بعد، ما يعني أن 75% من عمليات المسح قد أنجزت في هذه المنطقة.
أما عن آلية التعويضات، يؤكد المهندس زيات أن عدد الشيكات المالية التي صرفت للمتضررين تقارب الـ 19000 شيك في منطقة جنوب الليطاني فقط، وهذه النسبة تعادل ثلث عدد الاستمارات المنجزة. مع العلم أن عدد المستفيدين الحاصلين على تعويضات هو في ازدياد مستمر بعد أن أخذت آلية العمل مجراها الطبيعي ما وفر سرعة ودقة أكبر في إنجاز الاستمارات وبالتالي الاستحقاقات المالية، اذ بات يصدر يوميًا 2000 إلى 3000 شيك.
المهندس زيات : 19000 شيك صرفت للمتضررين في جنوب الليطاني
على صعيد الاعتراضات والشكاوى الواردة إلى المؤسسة، تؤكّد «جهاد البناء» أنّ برنامج إعادة الإعمار انطلق أسرع ممّا كان عليه بعد تموز 2006، وهو سيسير بشكلٍ طبيعي حتى الانتهاء من الالتزامات التي أعلن عنها. وقد استحدث حزب الله مكاتب، على مستوى القطاع، لتلقي المراجعات والشكاوى وإرسالها إلى المعنيين بملف الترميم.
مسح الأضرار الاقتصادية: سيارات، طاقة شمسية، أضرار زراعية، محال تجارية
المهندس خير الدين أشار، أيضًا، إلى أن ملف الإعمار يترافق مع مسح للأضرار الاقتصادية التي تشمل عناوين مثل: ألواح وبطاريات الطاقة الشمسية، السيارات المتضررة، الأضرار الزراعية وضمنًا المواشي. وهذه الأضرار ستمسحها وتسجّلها مؤسسة جهاد البناء، أما عن أصحاب المصالح المتضررة؛ فسيتم إصلاح محالهم التجارية شأنهم شأن أصحاب البيوت المتضررة (زجاج، الومينيوم، أبواب..)، وإعادة بناء المحال المدمّرة.
من أضرار البناء والأضرار الاقتصادية إلى تلك التي أصابت القطاعات الزراعية والحيوانية، وهي أكبر بكثير من قبل، وتساوي بالطبع ملايين الدولارات، وقد توزعت هذه الأضرار بشكل متفاوت بين المناطق اللبنانية، ففي البقاع يمكننا الحديث بحسب إحصاءات مديرية الزراعة والبيئة في مؤسسة "جهاد البناء" عن 2000 عقار تعرض للضرر، أما في الجنوب فهذا العدد بلغ تقريبًا الـ 4000 في المنطقة الأولى، وفوق الـ2000 عقار في المنطقة الثانية، مع العلم أن هناك قرى لم تتمكّن فرق المسح من الوصول اليها لغاية الآن.
على صعيد قطاعات الانتاج الحيواني من أبقار وأغنام وماعز، فقد بلغت نسبة الضرر 90% في الجنوب، أما في البقاع فالنسبة أدنى بقليل اذ تبلغ 40%، وفي السياق نفسه بلغت نسبة الضرر في قطاع النحل جنوبًا 100%، وفي البقاع أدنى بقليل، فضلًا عن الأضرار الجسيمة التي لحقت بالخيم الزراعية والموز والحمضيات والفواكه الإستوائية.
أما عن آلية العمل المعتمدة في هذا الإطار، يشير المعنيون في مؤسسة "جهاد البناء" إلى وجود برنامج مسح متكامل يتماهى مع برنامج الإيواء، وتتم العملية مع مهندسين يتولون الكشف الميداني في العقارات والأماكن المتضررة، وتُدخل معلومات الكشف إلى البرنامج الإلكتروني لإعطاء قيمة الأضرار.