وفيق قانصوه ـ الأخبار
قضايا عدة أثارها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في لقائه الشهر الماضي مع قائد "الإدارة السورية الجديدة" (الرئيس في ما بعد) أحمد الشرع، تكشف ردود الأخير عليها بعضًا من أفكار "قائد" سورية الجديدة وجدول أعماله في ما يتعلق بسورية وبالعلاقة مع لبنان.
في اللقاء الذي عقد تلبيةً لدعوة من الشرع في دمشق في 11 من الشهر الماضي، بعد شهر ونيّف على سقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد، سمع ميقاتي بوضوح من الرئيس السوري الجديد أن "سورية لن تسمح بمرور أموال أو سلاح إلى حزب الله في لبنان بعدما أساء للسوريين وقاتلهم في عقر دارهم"، كما أنتقد بشدّة السياسة الإيرانية التي "غذّت الطائفية والمذهبية"، مشيرًا إلى أن على الحزب وإيران إعادة النظر في سياساتهما تجاه المنطقة وشعوبها.
ولدى سؤال الشرع ميقاتي عن وضع حزب الله في لبنان، أجاب الأخير بأن "الحزب تلقّى في الحرب الأخيرة ضربات كبيرة، لكنّه دافع عن لبنان في وجه العدو، وهو لا يزال قويًا بشكل لا يستهان به". وعندما سأل الشرع عما إذا كانت الحكومة اللبنانية تنوي إجبار حزب الله على تسليم سلاحه، أجاب ميقاتي بأن هذا الأمر "يحتاج إلى حوار داخلي لبناني والاتفاق على إستراتيجية دفاعية في وجه العدوّ الإسرائيلي، ولا نريد مشكلًا داخليًا"، مشيرًا إلى أن حزب الله "يمثّل مكوّنًا لبنانيًا رئيسيًا، وله حضور فاعل في المجتمع اللبناني". عندها بادره الشرع بالقول: "طالما أنكم تخشون دائمًا من الحرب الأهلية، لن تتمكّنوا أبدًا من بناء دولة".
لن نسمح بمرور أموال أو سلاح إلى حزب الله عبر الأراضي السورية
وكان لافتًا لدى الحديث عن الأخطار المشتركة التي يواجهها البلدان، إشارة الشرع إلى "الخطر الأمني الذي يشكّله تنظيم داعش على كلّ من سورية ولبنان"، محذّرًا من أن هناك محاولات، بدعم خارجي، لتشكيل خلايا للتنظيم في لبنان، وخصوصًا في الشمال، ستكون وجهة نشاطها الأراضي السورية بذريعة محاربة "علمانية" الإدارة السورية الجديدة.
وطرح الوفد اللبناني في اللقاء مسألة إعادة 1,350 مليون نازح سوري استقبلهم لبنان بعد الأحداث السورية إلى بلادهم، فبادر الشرع بالقول إن معظم هؤلاء "لا بيوت لهم، فإلى أين سيعودون؟"، طالبًا التريّث، قبل أن يفاجئ محاوريه اللبنانيين بالقول: "طوّلوا بالكن علينا متل ما نحنا مطوّلين بالنا على فقدان ودائع السوريين في لبنان". وعندما أجاب الرئيس ميقاتي بأن الودائع تعود لأفراد سوريين وليس للدولة السورية، وهؤلاء "سيُعاملون وفق الآلية التي سنتعامل بها مع أصحاب الودائع اللبنانيين"، ابتسم الشرع قائلًا: "خلّوهن عندكن لحدّ ما ترجعوا المصريات"!
كذلك طرح الوفد اللبناني مسألة ترسيم الحدود بين البلدين ومزارع شبعا، فاعتبر الشرع "أننا غير جاهزين بعد لترسيم الحدود لأن الأمر يحتاج إلى لجان وخبراء، ونحن لا نزال حديثي العهد في الحكم، ولم تكتمل أجهزة الدولة السورية بعد"، متجنّبًا التطرق إلى مسألة مزارع شبعا. أما في ما يتعلق بضبط الحدود والمعابر غير الشرعية وضبط تهريب المخدرات وتسهيل عبور شاحنات النقل اللبنانية الأراضي السورية في طريقها إلى بلدان أخرى، فقد أبدى الشرع استعداده للتعاون، لكنّه طلب "التريث ريثما تكتمل هيكلية الأجهزة الأمنية والعسكرية السورية". كما أبدى الاستعداد للموافقة على استجرار الكهرباء من الأردن إلى لبنان في حال تمكّنت بيروت من الحصول على استثناء من قانون قيصر، وفي مقابل دفع الرسوم المتوجبة للدولة السورية.
ولدى طرح قضية المفقودين اللبنانيين في السجون السورية، أكّد الشرع "أننا أفرغنا كلّ السجون ولا يوجد مفقودون أحياء"، مشيرًا إلى إمكان الاستعانة بفحوصات الـ DNA لدى العثور على مقابر جماعية لمعرفة ما إذا كانت تضم لبنانيين.
إلى ذلك، تحدث الشرع مطوّلًا عن خططه لـ"بناء الدولة" في سورية وتطوير النظام الاقتصادي وتعزيز القطاع المصرفي لمواكبة النهضة المرتقبة وإنشاء عملة رقمية، مع تأكيد حرصه على عدم مراكمة ديون على الدولة. وأشار إلى تواصل مع عدد كبير من رجال الأعمال السوريين الذين أبدوا استعدادهم للعودة والاستثمار في سورية. كذلك تحدث بإسهاب عن مشروع لإنشاء خط سكك حديد للأشخاص والبضائع يربط الدوحة باسطنبول عبر دمشق، مشيرًا إلى أن بإمكان لبنان الانضمام إلى مثل هذا المشروع.
وفي ما يتعلق بتوسيع العدوّ "الإسرائيلي" احتلاله لأراضٍ سورية، أشار الشرع إلى أنه حصل على "تعهدات من دول كبرى" بأن "الإسرائيليين" "سينسحبون إلى خط حدود عام 1974 فور تمكّن الدولة الجديدة من بسط سيطرتها على كلّ الأراضي السورية"، من دون أن يتطرّق إلى قضية الجولان المحتل.