اوراق مختارة

سلام إلى سورية اليوم بملفات شائكة.. والعبرة في النتائج!.. 

post-img

غسان ريفي (سفير الشمال)
  
تتّجه الأنظار اليوم إلى سورية التي يزورها رئيس الحكومة نواف سلام على رأس وفد وزاري ـ أمني حاملا معه جملة من الملفات الشائكة للبحث في تفاصيلها وإيجاد الحلول الناجعة لها تمهيدًا لتصحيح المسار في العلاقات بين البلدين.

خمسة ملفات أساسية يفترض بالرئيس سلام أن يبحثها مع القيادة السورية، هي: أزمة النازحين السوريين وما استجد عليها بعد أحداث الساحل السوري، ضبط الحدود ومكافحة التهريب بين لبنان وسورية والتصدي لمافيات الكبتاغون وإغلاق المعابر غير الشرعية التي تستخدمها في عملياتها، ترسيم الحدود برًّا وبحرا، التصدير من لبنان إلى الدول العربية وموضوع الترانزيت عبر سورية، المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية خلال حقبة النظام السابق والمخفيين قسرا.

وكان رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي الذي وضع رؤية وطنية متكاملة حول قضية النازحين وكيفية التعاطي مع سورية في الملفات الملحّة، وقد تلقى خلال زيارته إلى سورية ولقائه الرئيس أحمد الشرع سلسلة وعود بإيجاد حلول سريعة لهذه الملفات، ما يجعل زيارة سلام استكمالا لما بدأه ميقاتي ويفترض أن تشهد ترجمة لما أطلقته القيادة السورية من وعود حول التعاون المثمر بين البلدين ووضع العلاقات بينهما ضمن إطار صحي على قاعدة الندية والاحترام المتبادل.

ولعل السؤال الأبرز التي يحيط بهذه الزيارة، هو ماذا يمكن للرئيس سلام أن يحقق من خلالها؟، وبماذا يمكن أن يعود إلى لبنان؟، خصوصًا أن الوضع في سورية لا يزال يفتقر إلى الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي، وبالتالي فإن القيادة السورية الجديدة ما تزال تحتاج إلى مزيد من الوقت لتنظيم أمورها وتحسين واقع البلاد على كلّ صعيد.

لا يخفى على أحد أن الوضع الاقتصادي المتردي في سورية يمنع عودة النازحين في اتّجاهين، الأول من قبل النازحين أنفسهم الذين يعيشون حياة أفضل في لبنان وهم غير مستعدين للذهاب إلى بلدهم في ظل ما يعانيه من مآسي اجتماعية وانهيارات اقتصادية، والثاني من قبل الإدارة السياسية الجديدة غير القادرة في ظل هذه الأوضاع على تحمل أعباء عودة النازحين، علما أن أزمة جديدة أطلت برأسها إثر أحداث الساحل السوري حيث نزح إلى لبنان بحسب إحصاءات محلية ما يقارب خمسين ألف شخص جديد من الطائفتين العلوية والشيعية إلى عكار والبقاع ويفترض بالدولة اللبنانية أن تعالج هذه الأزمة المستجدة.

وفي ما يتعلق بالتهريب عبر الحدود، فإن الوضع الاقتصادي المتردي في سورية يشجع هذه العمليات التي تجري بتواطئ سوري واضح من قبل بعض الفصائل المنتمية إلى هيئة تحرير الشام وما الأحداث الأخيرة التي شهدتها الحدود الشرقية مع سورية سوى أكبر دليل على أن ثمة صراع نفوذ سوري لبناني يتنامى يومًا بعد يوم على من يفرض نفوذه وسطوته على الحدود المتداخلة بين البلدين والممتدة على مساحة 375 كيلومترا.

أما في ما يتعلق بأزمة المعتقلين اللبنانيين والمخفيين قسرا في السجون السورية، فإن كلّ الاتّصالات التي جرت بعد سقوط نظام الأسد من قبل الحكومة السابقة ومن بعض المنظمات والجمعيات الناشطة في هذا المجال، فضلًا عن التحقيقات التي جرت مع بعض المفرج عنهم من السجون السورية لم تسفر عن أي نتائج أو أخبار إيجابية حول المعتقلين أو المخفيين قسرا والذين لا يزال مصيرهم مجهولا.

أما الترسيم فثمة سلسلة من النقاط الخلافية حوله وهو يتطلب الكثير من الوقت والجهد لإتمامه وبرعاية دولية وإقليمية.

لذلك، فإن كثيرًا من المراقبين يخشون أن يعود الرئيس سلام من سورية خالي الوفاض أو أن تكون الزيارة شكلية استعراضية من دون أية نتائج إيجابية في ظل الأوضاع الضاغطة التي تواجهها سورية، ويرى هؤلاء أن تنفيذ المطالب اللبنانية من قبل الإدارة السورية تحتاج إلى ضغط عربي ودولي يترجم الاحتضان والرعاية والدعم لحكومة سلام الذي يفترض به أن يكون قد حصل على ضوء أخضر للعودة بنتائح إيجابية من زياته، لأن المخاوف بحسب المراقبين من أن يكون هذا الدعم على غرار التعهدات الأميركية بانسحاب الجيش "الإسرائيلي" من الأراضي اللبنانية، وبالتالي تبقى الأزمات بين لبنان وسورية معلقة إلى أجل غير مسمى!..

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد