اوراق خاصة

القدس.. نبضُ الحقِّ الذي يُنْبتُ في جُرحِ الزمنِ زَهْرَ اليقينِ

post-img

فادي الحاج حسن/ كاتب لبناني

بسمِ ربِّ القدسِ والمقدسيين.. 

وَاعُدّوا لهم ما استطعتم من قوّةٍ.. قوّةِ القلوبِ التي تَحمِلُ أسرارَ السماءِ في كفِّها. 

يا قدسُ، يا دَمْعَةَ الأنبياءِ المُعلَّقةَ على جفنِ التاريخِ، أنتِ الكلمةُ التي تَنْزفُ نورًا مِنْ صَدْعِ الزمنِ. مُذْ وُلدتَ في حِضنِ النبوّاتِ، صِرْتَ مِحْورَ الأسرارِ: داودُ يُنشِدُ فيكِ مزاميرَ العرشِ، وسليمانُ يَسْجُدُ لِصَمْتِ الحِكمةِ في حَجارَتِكِ، وعيسى يَخْطُو بِرِجْلٍ مُثْقَلَةٍ بِحُبٍّ لا يَموت، ومحمدٌ يُحلِّقُ مِنْ مِحرابِكِ إلى عالَمٍ يَملِكُ السُّدسَ والسَّبعَ. هنا، تحتَ قبابِكِ الذهبيّةِ، تَتَلاقى الأنفاسُ كَنَسَماتٍ تَعْبُرُ مِنْ جَنّةٍ إلى جَنّةٍ، لكنَّ الزيتونَةَ فيكِ تَبْكي.. تَبْكي دَمًا يَكْتبُ وَصِيَّةَ الأحرارِ! 

اليومَ، يا قدسَ الصَّمْتِ الثائرِ، تَرْفَعينَ جِراحَكِ شُمُوعًا في ليلِ الاحتلالِ. في أزِقَّتِكِ، تَسْكُبُ كلماتُ درويشٍ خَمْرَ الحنينِ: "القدسُ أمُّ السماواتِ.. وقبلةُ العشاقِ"، وتَرْسُمُ أرواحُ الأطفالِ ما نَظَمَهُ نزارٌ: "يا أقصرَ الدروبِ بين الأرضِ والسماءِ". القدسُ حَقٌّ.. والحقُّ أَحَقُّ أنْ يُتْبَعَ! لستِ حَجَرًا يُقايضُهُ السُّفّهاءُ، بل جُرحٌ يَنْزفُ في جَبينِ كلِّ مُؤمنٍ، وقصيدةٌ تَرْفِضُ أنْ تَنْتَهيَ إلا بِـ "سُبْحانَ مَنْ أَسْرَى". 

غدًا، حينَ تَشُقُّ جِباهُ المُصلّينَ طريقَها إليكِ، ستُنْزَعُ الأقنعةُ عن وَجْهِ الباطلِ. سيَجيءُ الفجرُ حاملاً في يَدِهِ نَشيدَ التحريرِ: "يأبى شرفُ القدسِ أن يتحررَ إلا على أيدي المؤمنين". ستعودينَ يا مدينةَ الأقداسِ وَطَنًا يُعانِقُ السَّماءَ بِأشْوَاقِ الثَّكالى، وَشَمْسًا تَبْزغُ مِنْ بَيْنِ أضْلاعِ المُقاوِمِينَ. 

ستظلينَ.. 

رَمْزًا يَرْفِضُ الانكسارَ: *"القدسُ حَقٌّ.. والحقُّ أَحَقُّ أنْ يُتْبَعَ"*، 

ووَعْدًا يَتَهادى بَيْنَ دُموعِ الْأُمّهاتِ وَصَرِخاتِ الْأطْفالِ، 

وَحِكايَةً تَقولُ للعالَمِ: 

"مَنْ أنا؟ 

أنا القُدْسُ.. 

مَزْجَةٌ مِنْ دَمٍ وَضَوءٍ.. 

أرضٌ تُنادي: إِنَّ الْحَقَّ لَا يَسْقُطُ.. إِلَّا لِيَنْتَصِبَ!".

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد