أحيت الجزائر، يوم أمس الخميس، الذكرى السنوية الـ64 للمجزرة التي ارتكبتها الشرطة الفرنسية بحق متظاهرين جزائريين خرجوا في باريس للمطالبة باستقلال بلادهم عن الاستعمار الفرنسي. جاء ذلك من خلال الوقوف دقيقة صمت في مختلف أنحاء البلاد، تنفيذًا لقرار أصدره الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، في 2021.
تبون: الاستعمار الفرنسي، عند ارتكابه هذه المجازر، كان مدفوعًا بهستيريا بعدما اشتد عليه الخناق بفعل شرعية الكفاح وعدالة القضية
في 17 أكتوبر/تشرين الأول 1961، هاجمت الشرطة الفرنسية، بأمر من قائد شرطة باريس موريس بابون، مظاهرة سلمية لآلاف الجزائريين، خرجوا للمطالبة باستقلال البلاد. وقتلت الشرطة عشرات الجزائريين، منهم بشكل متعمد في الشوارع ومحطات المترو، فيما ألقت بعدد من المصابين من الجسور في نهر السين، وهو ما بات يُعرف بـ”مجزرة باريس عام 1961″.
تخليدًا لهم، أصدر الرئيس تبون قرارًا في 2021 بالوقوف دقيقة صمت في تمام الساعة 11 صباحًا بنفس تاريخ المجزرة، في جميع أنحاء البلاد.
في رسالة وجّهها للشعب الجزائري، وصف تبون هذه الذكرى بأنها “يوم خالد في الذاكرة الوطنية، يعبر عن التحام المهاجرين الجزائريين بالثورة التحريرية المجيدة (1954-1962)”.
أشار إلى أن “الاستعمار الفرنسي، وعند ارتكابه هذه المجازر، كان مدفوعًا بهستيريا بعدما اشتد عليه الخناق بفعل شرعية الكفاح وعدالة القضية”. وأضاف أن “شرطة باريس آنذاك فرضت حظر تجوال على أبناء الجالية الجزائرية بقرار تعسفي بأوامر من المحافظ (الشرطة) موريس بابون”.
أوضح أن “غطرسة بابون قادته إلى وحل الإجرام والقمع الوحشي ضد حشود خرجت في مظاهرات سلمية، انتهت إلى حصيلة مأساوية تمثلت بإغراق متظاهرين في نهر السين، وتعريضهم للقهر والتعذيب والاعتقال”. وتُطلق الجزائر على هذه الذكرى تسمية “اليوم الوطني للهجرة”.
تشير روايات مؤرخين جزائريين عايشوا تلك الأحداث إلى أن الشرطة الفرنسية اعتقلت نحو 12 ألف جزائري، تعرّضوا للتعذيب والقتل.
يأتي إحياء الذكرى هذا العام وسط أزمة سياسية بين الجزائر وفرنسا وُصفت بالأشد منذ الاستقلال في 1962.
بدأت الأزمة في 30 يوليو/تموز 2024، عندما استدعت الجزائر سفيرها من باريس ردًا على تغيير الحكومة الفرنسية موقفها من قضية “إقليم الصحراء” المتنازع عليه بين المغرب وجبهة البوليساريو. ووصلت إلى حدّ تبادل طرد الدبلوماسيين وسحب فرنسا لسفيرها لدى الجزائر.
تعمّقت الأزمة لتصل إلى حرب التأشيرات، حيث بادرت باريس بفرض التأشيرة على حاملي جوازات السفر الدبلوماسية من الجزائر، لتردّ الأخيرة بإلغاء الاتفاقية التي تنص على إعفاء حاملي جوازات السفر الدبلوماسية وجوازات السفر لمهمة، والموقعة بين البلدين في 2013.