استيقظ الجنوبيون باكراً أمس على قصف إسرائيلي غير مسبوق منذ عدوان تموز 2006، استهدف عشرات البلدات والقرى، عدا الجبال والأودية ومجاري الأنهر. وطاول القصف جميع أقضية الجنوب؛ من بنت جبيل والنبطية وصور وصولاً إلى صيدا وجزين، بالتزامن مع غارات كثيفة استهدفت منطقة البقاع وصولاً إلى جرود الهرمل. وبرّر جيش العدو حملته الجوية بأنها هجوم استباقي بعدما «اكتشف نوايا» لدى حزب الله لإطلاق نار نحو الأراضي المحتلة، طالباً من «المدنيين في القرى اللبنانية الذين يسكنون قرب مبانٍ يستخدمها حزب الله لأغراض عسكرية، مثل تلك المستخدمة لتخزين أسلحة، الابتعاد فوراً عن دائرة الخطر من أجل سلامتهم». وبالتزامن، تلقّى سكان في بيروت ومناطق أخرى، ولا سيما الجنوب، اتصالات عبر الهواتف الثابتة، يُطلب فيها من المُتلقّين «إخلاء أماكن وجودهم سريعاً». كما تلقّى مواطنون رسائل نصية عبر هواتفهم الخلوية، تحمل المضمون نفسه أيضاً. وأفاد المدير العام لـ«أوجيرو»، عماد كريدية، وكالة «رويترز»، بتلقّي لبنان أمس «أكثر من 80 ألف محاولة اتصال يُشتبه في أنها إسرائيلية».وفي فترة الظهيرة، وجّه جيش العدو تحذيراً إلى سكان البقاع يطلب منهم، في حال تواجدهم «داخل أو بالقرب من منزل يحتوي على أسلحة لحزب الله» الخروج منه والابتعاد عنه لمسافة لا تقل عن ألف متر خارج البلدة، وعدم العودة إليه حتى إشعار آخر. ليبدأ بعدها حملة غارات واسعة طاولت عشراتش البلدات في البقاعين الغربي والأوسط وبعلبك والهرمل. كما سقط صاروخ في منطقة غير مأهولة بين علمات وإهمج في قضاء جبيل.
واستمرت الحملات الجوية حتى وقت متأخر من مساء أمس، واتخذت شكل موجات بلغ عددها 5، وفق «هيئة البث الإسرائيلية». وأعلن جيش العدو أنها استهدفت «أكثر من 1600 هدف» لحزب الله، عبر مئات المهمّات الجوية.
وبلغت آخر حصيلة أعلنتها وزارة الصحة لضحايا الأمس: 492 شهيداً بينهم 35 طفلاً و58 امرأة، و1645 جريحاً.
في المقابل، بدأت «المقاومة الإسلامية» سريعاً ردّها بقصف مواقع العدو وثكناته العسكرية في عمق فلسطين المحتلة. ووصلت صواريخها إلى مدى 120 كلم لأول مرّة في تاريخ صراعها معه. ووفقاً لـ«الإعلام الحربي»، استهدفت المقاومة أمس المقر الاحتياطي للفيلق الشمالي وقاعدة تمركز احتياط فرقة الجليل ومخازنها اللوجستية في قاعدة عميعاد شمال غرب بحيرة طبريا، ومُجمعات الصناعات العسكرية لشركة «رفائيل» في منطقة زوفولون شمال مدينة حيفا المحتلة (مرَّتين)، والمخازن الرئيسية التابعة للمنطقة الشمالية في قاعدة نيمرا غرب بحيرة طبريا (مرّتين). كما استهدفت مقر الكتيبة الصاروخية والمدفعية في ثكنة يوآف في الجولان السوري المحتل، ومقر قيادة الفيلق الشمالي في قاعدة عين زيتيم شمال غرب مدينة صفد المحتلة، وقاعدة رامات ديفيد الجوية جنوب شرق مدينة حيفا المحتلة. واستخدمت المقاومة في عملياتها عشرات الصواريخ التي لم تُحدّد نوعها. ونشرت وسائل إعلام عبرية أن صفارات الإنذار دوّت أمس في مدينة حيفا للمرة الأولى منذ 8 أكتوبر 2023، مشيرةً إلى اضطرار 300 ألف مستوطن إلى النزول إلى الملاجئ.
إلى ذلك، أعلنت «كتائب القسام» استشهاد القائد الميداني حسين محمود النادر (من جديدة مرجعيون) في «عملية اغتيال نفّذتها طائرات الغدر الصهيونية خلال العدوان على لبنان».