ساعات طويلة امتدّت منذ ظهر الإثنين وحتى صباح أمس، أمضاها أبناء الجنوب والنبطية وصور على الطرقات الممتدّة إلى مناطق الشمال، حيث غصّت الطرقات بآلاف النازحين. عشرات «الحواجز» الشعبية انتشرت على طول الطريق من طرابلس وصولاً إلى المنية وعكار، لاستقبال النازحين وتقديم المساعدة رغم قلة ذات اليد. عند مستديرة السلام، على مدخل طرابلس، رُفعت لافتة كبيرة كُتب عليها: «الدار داركم، والنصر جايي»، فيما تجمّع عشرات الشبان بمبادرات فردية، عارضين المساعدة وتوزيع المياه أو السندويشات على السيارات، كلّ حسب قدرته، فيما تولّى آخرون إرشاد الوافدين نحو وجهتهم، إما إلى بلدية طرابلس، أو مبنى فندق «كواليتي إن» الذي تحوّل إلى نقطة للإيواء وتقديم المساعدات للقادمين من الجنوب والبقاع.وفيما دعا قائمقام المنية الضنية جان الخولي إلى اجتماع اليوم في سراي المنية لوضع خطة طوارئ، تولّت المبادرات الفردية استيعاب الموجة الأولى من الوافدين. فقد عمل رئيس «المركز الوطني في الشمال» كمال الخير على تأمين مئات العائلات داخل البيوت، فيما لم يتم فتح أي مركز إيواء في المدارس والمهنيات. وأوضح الأمين العام للهيئة العليا للإغاثة اللواء محمد الخير لـ«الأخبار» أن فتح مراكز الإيواء «من مسؤولية محافظي المناطق والبلديات بالتنسيق مع الوزارات والمرجعيات المختصة». أما في ما يتعلق بالمساعدات العينية، فأشار إلى أنه «في ظل الوضع الصعب استطعنا تأمين نحو 5000 فرشة بمبادرات فردية، ونتوقع تأمين المزيد لمناطق الشمال، إلا أننا نواجه صعوبة في تأمين البطانيات والمستلزمات الأساسية الأخرى».
وفي غياب أي إحصاءات رسمية، قدّرت مصادر مواكبة بأن ما يزيد على 300 عائلة تمّ تأمين أماكن لها في منطقة المنية، بالإضافة إلى أكثر من 100 عائلة لجأت إلى أقرباء أو أصدقاء أمّنوا لها شققاً سكنية، إضافة إلى عائلات استأجرت شققاً على حسابها الخاص. ويُرجّح أن يصل عدد العائلات النازحة في المنطقة إلى نحو 1000. وفي الضنية، أحصى اتحاد بلديات الضنية الذي واكب وصول النازحين أكثر من 350 عائلة.
وفي عكار، أُنشئت خلية أزمة لاستقبال أكثر من 400 عائلة بالتنسيق مع عدد من البلديات، تم توزيعها على بيوت وشقق سكنية بمبادرة من المتموّل أحمد الحصني، فيما بدأ العمل على تجهيز عدد من المدارس والمهنيات في منطقة العبدة وببنين استعداداً لوصول مزيد من العائلات.
المفارقة أن النازحين السوريين الذين فرّوا من المناطق الساخنة في مناطق الجنوب والبقاع لم يجدوا ملجأ لهم، فغصّت بهم الشوارع، ومنهم من بات ليلته على الأرصفة، قبل أن تفتح وزارة التربية مبنى المعهد الفندقي في الميناء لإيواء النازحين السوريين.