قبل أن يصل لبناني واحد إلى الأراضي السورية جراء الاعتداء الإسرائيلي على مناطق عدة في لبنان، فتح السوريون قلوبهم على مصراعيها لإخوتهم اللبنانيين، وأعلنوا استعدادهم لفتح منازلهم لاستقبال العائلات النازحة، وتقديم ما يمكنهم من مساعدة. هكذا، وبالرغم من الظروف المعيشية الصعبة التي يعيشونها، أكد السوريون أنهم سيتقاسمون مع اللبنانيين كسرة الخبز، ويعطونهم «صدر البيت والعتبة إلهم»، متناسين كل إزعاج صدر من البعض حول وجود النازحين السوريين في لبنان والخلافات حول ذلك.
كذلك أطلق السوريون على وسائل التواصل الاجتماعي حملة بعنوان «بيتي بيتك»، تدعو إلى استقبال العائلات اللبنانية والسورية. ولاقت الحملة استحساناً واسعاً ومشاركة من عدد كبير من السوريين الذين عرضوا - بعبارات ملؤها الحب - فتحَ منازلهم واستقبال القادمين من لبنان. وبالفعل، توجّه عدد كبير من النازحين الواصلين في اليوم الأول للنزوح، إلى منازل أقاربهم ومعارفهم وعدد من المشاركين في الحملة. ومن بين هؤلاء، أيمن حيدر الذي يقول في حديثه إلى «الأخبار»: «استطعتُ تأمين مأوى لعدد من أقاربي وجيرانهم القادمين من الجنوب اللبناني، بمساعدة المشاركين في الحملة على الفيسبوك، فلم أطرق باباً وأغلقَ في وجهي، الجميع كانوا متعاونين ولم يسأل أحد عن دين أو طائفة أو جنسية، همنا كان واحداً وهو تقديم ما يلزم لخدمة أشقائنا القادمين من لبنان، سواء كانوا سوريين أو لبنانيين».
وإلى جانب الجهات الأهلية، لم تتوانَ الجهات الحكومية عن التحضير لاستقبال من سيدخل أراضيها، بتقديم التسهيلات والخدمات الممكنة، حتى و«إن طال البقاء». وبدأت التجهيزات الحكومية لاستقبال النازحين من لبنان باكراً، حيث استنفرت المحافظات الثلاث (ريف دمشق – حمص – طرطوس) المتضمنة المعابر الحدودية الخمسة (جديدة يابوس وجسر قمار وجوسيه ودبوسية ومطربا والعريضة) التي تربط سوريا بلبنان، ورفعت جاهزيتها. كما وجّهت بتعاون مديريات الصحة والشؤون الاجتماعية والنقل والسياحة وإدارة الهجرة والجوازات، مع الجهات الأهلية، لخدمة الوافدين من الجانب اللبناني. كذلك، زادت إدارة الهجرة والجوازات عدد العناصر على المنافذ الحدودية لتسهيل إجراءات الدخول في أقل وقت ممكن، في ظل معلومات غير مؤكدة عن إلغاء فرض تصريف المئة دولار على كل السوريين العائدين.
تجهيز عدد من مراكز الإيواء في دمشق لاستقبال النازحين
من جهتها، أعلنت وزارة الصحة جاهزية كل المنشآت الصحية والنقاط الطبية على المعابر الحدودية لاستقبال جميع الحالات الوافدة، وتقديم الخدمات الصحية اللازمة في المعابر وفي أماكن إقامة الوافدين. وتفيد دائرة الإعلام والعلاقات العامة في الوزارة، «الأخبار»، بأنها دخلت في حالة جهوزية كاملة منذ يوم 24 أيلول. وتعمل الفرق الطبية المنتشرة على المعابر الحدودية الرابطة بين البلدين على تقديم كامل الخدمات الطبية اللازمة، «فيما تم نقل بعض الحالات إلى مشافي دمشق كونها تحتاج إلى عناية تخصصية نوعية جراء إصابات تعرّض لها أصحابها بسبب العدوان»، علماً أنه «تم وضع جميع المشافي التابعة لمديريات الصحة في المحافظات الحدودية مع لبنان في جاهزية تامة لاستقبال أيّ حالات ورفد المعابر بسيارات إسعاف مجهزة على مدار 24 ساعة». وبحسب الدائرة، تعمل فرق الوزارة أيضاً على «تقديم الرعاية الصحية للمرضى والمسنّين، وخدمات الصحة الإنجابية، بالإضافة إلى تقديم لقاحات الأطفال والعلاج والأدوية للمصابين بأمراض مزمنة، كما يتم نقل الحالات التي تحتاج إلى دخول مشفى عبر سيارات الإسعاف، وتقدم الخدمات لهم مجاناً».
أيضاً، شاركت منظمة «الهلال الأحمر العربي السوري» في تقديم الرعاية الطبية والإسعافية والإغاثية للقادمين، وذلك عبر متطوعيها الموجودين على الحدود على مدار الساعة. كما استعدّت مديريات النقل لتأمين وسائط نقل جماعية لمن يرغبون في إيصالهم إلى مقاصدهم، فيما عمّمت وزارة السياحة على مديرياتها بتوجيه المنشآت السياحية بتقديم كل التسهيلات والخدمات الممكنة للبنانيين. كما تم تجهيز عدد من مراكز الإيواء في المحافظات الثلاث، مزودة بالمياه والكهرباء وخدمات النظافة والصرف الصحي والمواد الغذائية والأغطية والألبسة وغير ذلك.
من جانبه، يشير نائب محافظ ريف دمشق، جاسم المحمود، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أن جاهزية المحافظة لاستقبال النازحين من لبنان في أعلى مستوياتها، بعد تشكيل غرفة عمليات لمتابعة كل الأمور وتقديم الخدمات والتسهيلات لهم على مدار الساعة، موضحاً أنه تم تجهيز 3 مراكز إيواء هي: الحرجلة – الدوير – التنمية الريفية في يبرود. ويضيف أن «المراكز جاهزة لإقامة وتقديم الخدمات، لكن حتى الآن لم يدخل أي نازح، سواء كان سورياً أو لبنانياً، فأغلب الواصلين اتجهوا إلى منازل أقاربهم ومعارفهم، إلى جانب دخول 1200 شخص إلى 3 فنادق في منطقة السيدة زينب، تم وضعها بالكامل تحت خدمة النازحين بتبرع من أصحاب تلك الفنادق».
على أنه لا توجد أرقام دقيقة متكاملة صادرة عن جهة رسمية توضح النسبة الدقيقة لعدد النازحين الذين دخلوا الأراضي السورية، كون الأعداد تتزايد بين الحين والآخر. إلا أنه وفقاً لتصريح المحمود، فقد دخل خلال اليومين الماضيين عبر معبر جديدة يابوس، حوالي 18 ألف سوري و6 آلاف لبناني. كما أشارت مصادر محلية إلى أن حوالي 600 سوري و1200 لبناني دخلوا عبر معبرَي جوسيه ومطربا في محافظة حمص، فيما حركة العبور من معبر العريضة في محافظة طرطوس اعتيادية ولم تشهد أيّ حالة نزوح.