نفّذت شرطة العاصمة البريطانية عملية ضخمة للسيطرة على مئات آلاف المتظاهرين الذين تدفّقوا من أنحاء المملكة المتحدة للانضمام إلى مسيرة مؤيدة للفلسطينيين واللبنانيين، نظّمت عشيّة مرور عام على بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ردّاً على هجوم السابع من تشرين الأوّل الماضي.وانتشر آلاف من رجال الشرطة والأمن حول خطّ سير معلن للمسيرة التي سمح لها بالاستمرار لخمس ساعات ونصف ساعة، بينما غصّت شوارع رئيسيّة في قلب العاصمة بتجمعات لمتظاهرين حملوا شعارات تطالب بالعدالة لفلسطين ولوقف الإبادة المستمرة ضد الفلسطينيين، ووقف تصدير الأسلحة إلى الدّولة العبريّة.
ورغم أن مجلس نواب اليهود البريطانيين وجماعات يهوديّة وإسرائيلية أخرى ستنظّم أنشطة مؤيدة للدولة العبرية (الأحد) في حديقة الهايد بارك، فإن مجموعة «أوقفوا الكراهيّة» اليهوديّة دعت إلى تجمعات معادية للمسيرة في موقعين على الأقل على خط سير المسيرة المؤيدة للفلسطينيين، ما استدعى تدخل الشرطة للفصل بين الجانبين ولمنع الاحتكاكات.
وأعلنت الشرطة أنها اعتقلت 15 شخصاً على هامش المسيرة، بعدما حذّرت من أنّها لن تتساهل مع أي دعوات متعاطفة مع «حزب الله» أو «حماس» لتصنيفهما حركات «إرهابيّة» وفق القانون البريطاني. لكن قائد القوة المكلفة بإدارة الحشود، لو بوديفوت، قال إن الاعتقالات حدثت عندما اصطدم متظاهرون برجال الشرطة الذين كانوا يمنعون انفصال مجموعات عن المسيرة الرئيسيّة لمنع اصطدامات في الشوارع الجانبيّة.
واستهدف المشاركون في المسيرة مؤسسات بريطانية، قالوا إنها شريكة ومتواطئة في دعم الكيان العبري وتمكين الجرائم التي يرتكبها في فلسطين ولبنان واليمن، بما في ذلك بنك باركليز (الذي يستثمر أموالاً ضخمة في الصناعات العسكريّة الإسرائيليّة) والمتحف البريطاني. وعلّق متظاهرون لافتة على فرع لباركليز كتب عليها: «عار على أولئك الذين غضّوا الطرف عن الإبادة الجماعية السادية للأطفال في غزة والضفة الغربية»، كما نظّموا وقفة أمام المتحف البريطاني الذي اتّهموه بـ«غسل» جرائم الكيان العبري.
وحمل المشاركون في المسيرة التي نظّمتها حركة «التضامن مع فلسطين» وتحالف منظمات «أوقفوا الحرب» الأعلام اللبنانية والإيرانية والفلسطينية ولافتات كتب عليها: «لا للإبادة الجماعية» و«الصهيونية عنصرية»، و«أوقفوا إطلاق النار الآن» و«ارفعوا أيديكم عن لبنان»، وهتف كثيرون: «أوقفوا قصف (لبنان) الآن»، و«فلسطين حرة، حرة»، ونادوا «اليمن، اليمن لقد جعلتنا فخورين. أعد سفينة أخرى على أعقابها».
وكالمعتاد، فإن المسيرة اتسمت بالتنظيم الدقيق، وشاركت فيها مجموعات عمريّة وعرقيّة ودينية من الجنسين متنوعة بمن فيهم يهود مناهضون للجرائم التي ترتكبها الدّولة العبرية باسمهم.
وانتهت المسيرة إلى تجمّع في منطقة وايتهول المركزيّة، حيث ألقى ناشطون خطابات ناريّة طالبوا فيها الحكومة البريطانية بتبنّي الدعوة إلى وقف لإطلاق النار في فلسطين ولبنان، ووقف تجارة الأسلحة بالاتجاهين مع الكيان العبري، وفرض عقوبات اقتصادية وديبلوماسيّة عليه حتى وقف الإبادة الجماعية والفظائع التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي ضد الفلسطينيين واللبنانيين.
وبينما قدّر منظّمون عدد المشاركين بالمسيرة بعدة مئات من الآلاف، فإن متظاهرين من أحزاب يساريّة قالوا إن العدد زاد على مليون شخص، حضر كثيرون منهم بالحافلات والقطارات من مختلف أرجاء إنكلترا، فيما قالت مصادر الشرطة إن المسيرة هذا الأسبوع «تبدو أكبر من الاحتجاجات الأخيرة الأخرى».