اوراق خاصة

الوطن  ... ليس سياسة !!

post-img

تمرّ الحروب من هنا، اعتدنا على هذا في مساحة وطننا ، ومع كل حرب نخوضها يكون لنا معها حرب ضمنية أخرى نعيشها في مواجهة التشويه الذي يطال أحقية الدفاع عن أرضنا والاستمرار فيه وشرعيته .

حربنا، اليوم، هي تجسيد لأعظم الدفاعات عن الجزء الأهم من هذا الوطن، فهي البقعة العربية المستباحة من العدو الغاصب بشكله الصريح، وإن كانت الحرب على سورية هي الوجه الأصعب للصراع العربي- الإسرائيلي، إنما هي حرب اليوم هي كل الوجوه مجتمعة لهذا الصراع غير العادل.

أمام التضحيات كلها التي تسير بها المقاومتان الفلسطينية واللبنانية، على وجه الخصوص، ما تزال الأقلام والأفكار تتمحور في غالبيتها عن ضرورة توقف الحرب؛ حيث إنها تعطل الحياة وتستبيح هيبة دول كثيرة لا حول ولا قوة لها في وجود المقاومة.

المعضلة ليست في إنكار الحكومات العربية حق الفلسطيني بأرضه، إنما في انقسام الشعوب العربية على نفسها وانتشار جبهتين متباينتين في هذا الشأن، وتحميل المقاومة مسؤولية عواقب الحرب ضد كيان العدو، وتعزيز ذلك بالوقوف والتنحي عن أي مبادرة أو قرار بمساندة المقاومة .. تمامًا كما حدث عندما تنصّل العالم العربي من الوقوف إلى جانب سورية في حربها ضد الإرهاب الذي هو صنيعة أمريكا و"إسرائيل"، وكان العرب حينها عونًا للإجرام، كما هم الآن عون للسياسات الداعمة وحركات التحريض ضد حزب الله والمقاومة الفلسطينية وإظهارهما بمظهر الدموي الذي يحارب ويحارب ولا يكتفي.

في الحقيقة؛ المقاومة تحارب وتحارب؛ لأنها تكاد تكون المدافع الأوحد عن الوطن، إن كان ذلك في سبيل حماية حدود لبنان أو حماية القضية الفلسطينة من الإبادة وصولًا للتصدي للإرهاب على الأرضين السورية والعراقية. في النتيجة؛ حروبنا هي حروب وجود وبقاء، فما يفعله العدو هو تطبيق حرفي لتسوية التاريخ ومسحه وإعادة هيكلته بما يتناسب والعودة إلى وعد بلفور على طبق من ذهب من دون الحاجة إلى مواجهة حزب الله أو مواجهة أي شكل من أشكال المقاومة.

مع الأسف؛ اليوم ثمّة من يسعى لتحقيق أمنية "إسرائيل" في طمس ملامح المقاومة بحجة أنها حركات بحوذتها السلاح غير المشروع، ويتنافى ورسالة السلام العالمي. مع وجود الكثير من الأوفياء لمحور المقاومة، هناك من يقف متفرجًا وآخر يقف محرّضًا وآخر يبيع ويشتري ويلعب السياسة على منصاتها، ويشغل مكانًا في الوظائف التي من المفروض أنها في خدمة الوطن؛ لكنها في الواقع في خدمة الساسة وسياستهم التي في كل لحظة تنقلب على نفسها، وتتخبط فيما بينها لتُهلك المنطقة أكثر بدل أن تكون المنظم الرئيس لخوض الحرب تجاه العدو.

اليوم، لبنان يُنتهك، وجيشه ممنوع من الدفاع عنه، وحزب الله يساند غزة ويحمي حدود لبنان باسم لبنان كله ...  ومع هذا ما يزال الكثير ممن يرفعون صوتهم بالضجيج الفارغ المنفصم عن الحقيقة يمارسون بنود السياسة على أنها مصلحة وطن.

الوطن، اليوم، في أكبر مواجهاته، الوطن ليس سياسة نختلف حولها، أو وجهات رأي نتبادلها، الوطن في لحظة الحرب هو ماهية بحدّ ذاتها لا ينفع معها الاستمرار في مسايرة ما أو مراعاة ما .... الوطن هو الأهم و كل شيء في سبيله، وليس العكس .

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد