أوراق ثقافية

مصر: اكتشاف «أول» مقبرة أثرية من عصر الدولة الوسطى

post-img

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، يوم الجمعة المنصرم، اكتشاف أول مقبرة تعود لعصر الدولة الوسطى بجبانة العساسيف في الأقصر (جنوب مصر)، ما يضيف «تاريخًا جديدًا» للجبانة الأثرية، التي أكدت الوزارة استمرار الحفائر بها «لكشف ما تخفيه من أسرار».

أوضحت الوزارة، في بيان صحافي، أن البعثة الأثرية المصرية - الأميركية المشتركة، العاملة بمشروع ترميم جبانة جنوب العساسيف، خلال تنفيذها أعمال التنظيف الأثري للرديم في الجزء الجنوبي من سطح مقبرة كاراباسكن (TT 391) من الأسرة الـ25، «عثرت على مقبرة تضم مجموعة من الدفنات المغلقة، التي لم تفتح من قبل، إضافة إلى لقى أثرية فريدة»، مشيرةً إلى أن هذه هي «أول مقبرة تعود لعصر الدولة الوسطى يُعثر عليها في العساسيف».

وأشار الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار في مصر، الدكتور محمد إسماعيل خالد، إلى «أهمية الكشف» باعتباره «يغير تاريخ جبانة العساسيف ويجعلها ضمن الجبانة الكبرى للدولة الوسطى في طيبة». وقال خالد إن «الكشف سيسهم في فهم الممارسات وطقوس الدفن في جبانة طيبة خلال الدولة الوسطى».

تعد الدولة الوسطى إحدى فترات «الازدهار» في مصر القديمة، وتمتد من الأسرة الحادية عشرة إلى الثالثة عشرة، وفقًا لموقع وزارة السياحة والآثار. وأسسها الملك نب حبت رع منتوحتب (2004 - 2055 قبل الميلاد). وعثرت البعثة الأثرية على «11 دفنة تضم هياكل عظمية لرجال ونساء وأطفال»، مما يشير إلى أنها «مقبرة عائلية كانت تستخدم لأجيال عدة خلال الأسرة الثانية عشرة وبداية الأسرة الثالثة عشرة»، كما عثرت البعثة أيضًا على «العديد من المجوهرات الفريدة في دفنات النساء، ومجموعة من اللقى الأثرية، من المرجح أنها ترجع إلى أوائل الأسرة الثانية عشرة».

كما أوضح الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار أن «معظم الدفنات التي عثر عليها في المقبرة تعرضت لأضرار كبيرة بسبب الفيضانات التي دمرت أخشاب التوابيت وأقمشة الكتان»، لكنه أشار إلى أن «بعض المحتويات المصنوعة من مواد أقل عرضة للتلف، لا تزال بحالة جيدة».

من بين أبرز اللقى الأثرية التي عثر عليها في المقبرة، «قلادة فريدة مكونة من 30 خرزة أسطوانية الشكل من حجر الأماتيست مع خرزتين أسطوانيتين من العقيق تحيطان بتميمة على شكل رأس فرس النهر»، بحسب الدكتور هشام الليثي، رئيس قطاع حفظ وتسجيل الآثار المصرية بالمجلس الأعلى للآثار. وأوضح الليثي أنه «تم العثور أيضًا على مجموعة من القلادات والأساور والسلاسل والخواتم والأحزمة المصنوعة من العقيق الأحمر والخزف المطعم باللون الأزرق والأخضر وحجر الفاينس المطلي، زينت بتمائم على شكل رؤوس أفراس النهر وصقور، ورأس ثعبان وغيرها»، مؤكدًا أن «جميعها في حالة جيدة من الحفظ».

كما ذكرت الدكتورة كاثرين بلاكني، رئيس البعثة الأثرية من الجانب الأميركي، أنه «تم العثور داخل اثنتين من الدفنات على مرايا من النحاس، إحداها ذات مقبض على شكل زهرة اللوتس، وأخرى بتصميم نادر لوجه المعبودة حتحور بأربعة وجوه تظهرها كامرأة ذات ملامح صارمة».

قالت في البيان: « عثر على عدد من سبائك النحاس، وتمثال صغير للخصوبة من حجر الفاينس الأزرق والأخضر أرجله مقطوعة، ومصمم بشكل جيد ومزين بمجموعة متنوعة من المجوهرات، وشعره مطلي باللون الأسود، وعُثر بجوار التمثال الصغير على ما يقرب من 4000 خرزة طينية تشكل الشعر الأصلي». وعثرت البعثة أيضًا على مائدة قرابين مربعة الشكل مع حافة منخفضة وقناة مياه في المنتصف محاطة بنقوش بارزة لرأس ثور ورغيف خبز وقرابين أخرى.

بدوره، أكد مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، الدكتور حسين عبد البصير، «أهمية الكشف». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «جبانة العساسيف جزء من طيبة، ومعظم المقابر بها تعود لعصر الدولة الحديثة»، مضيفًا أن «اكتشاف مقبرة من عصر الدولة الوسطى يضيف بعدًا جديدًا للجبانة، ويلقي الضوء على دور المنطقة في دعم توحيد الدولة بعد فترة انقسام شهدتها مصر بعد عصر الدولة القديمة». وتقع منطقة العساسيف في البر الغربي بالأقصر، على مقربة من معبد حتشبسوت بالدير البحري، جنوب جبانة «ذراع أبو النجا» ضمن مجموعة «جبانة طيبة»، وتضم عددًا من مقابر الأفراد التي يرجع تاريخ أغلبها إلى الفترة من عصر الأسرة الثامنة عشرة، وحتى الأسرتين الخامسة والعشرين والسادسة والعشرين.

خلال الأعوام الماضية أُعلن عن اكتشافات عدة بجبانة العساسيف، كان أبرزها العام 2019، إذ أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية اكتشاف «خبيئة توابيت أثرية تعود لعصر الأسرة 22»، قبل نحو 3000 سنة.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد