استقبل نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب في مقر المجلس في الحازمية رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة والوزير السابق الدكتور خالد قباني ورئيس تحرير صحيفة اللواء صلاح سلام، وجرى على مدى ساعة ونصف الساعة التداول في الشؤون الراهنة في ظل العدوان الصهيوني على لبنان وغزّة، وانعكاساته على الأوضاع اللبنانية وعلى المنطقة بشكل عام.
وشدد المجتمعون على ضرورة الوحدة الوطنية في هذه المرحلة، وعلى عملية بناء الدولة القوية العادلة، بعد وقف الحرب وانتخاب رئيس للجمهورية يجمع عليه اللبنانيون.
وأكد العلامة الخطيب الالتزام بقرارات القمة الروحية الأخيرة بحذافيرها، وقال إن "الحل ببناء الدولة القوية العادلة التي تحمي مواطنيها وتكون مرجعاً لكل المواطنين. نريد مواطنين لبنانيين، لا سنة ولا شيعة ولا مسيحيين. يجب أن نبني دولة تثق بها الناس. فالدولة هي التي تحمي الطوائف، وليست الطوائف من يحمي الدولة. ولن يقوم البلد إذا لم نتعاون ونفهم بعضنا بعضاً".
وأضاف: "من هذا المجلس صدرت مقولة "لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه" على لسان سماحة الإمام السيد موسى الصدر. ونستغرب كيف أن البعض يريد أن ينتخب رئيساً من دون الشيعة، فهذا هذيان، فيما المطلوب كلمة طيبة تجمع ولا تفرق. فالوحدة الوطنية هي أفضل وجوه الحرب مع "إسرائيل"".
وتابع الشيخ الخطيب: "نريد العرب مرجعاً لنا، ونحن لم ولن نخرج عن المظلة العربية. ولكن على العرب أن يقوموا بواجباتهم تجاهنا. فنحن لم يكن لدينا يومًا مشروع خاص بنا، بل إن مشروعنا هو مشروع الأمة".
وبعد اللقاء قال السنيورة: "تشرّفنا بزيارة هذا الصرح الوطني اللبناني والديني العريق الذي أقامه هنا الإمام السيد موسى الصدر، بهدف تمتين عُرى الوحدة الوطنية، وتعزيز سياسة الانفتاح والتلاقي والحوار بين اللبنانيين مسلمين ومسيحيين".
وأضاف: "لقد كان لنا لقاء مهم مع صاحب السماحة نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب، وكانت مناسبة للتداول في شؤوننا الوطنية، وعلى وجه الخصوص في وقائع العدوان "الإسرائيلي" الغاشم والمستمر على لبنان واللبنانيين في الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت والبقاع والجبل وسائر مناطق لبنان".
وأردف قائلاً: "في هذه المناسبة، أودّ بدايةً التوجّه بالتعزية القلبية الصادقة لعائلات وأرواح الشهداء الأبرار الذين سقطوا جراء هذه الجرائم "الإسرائيلية" الوحشية والمتمادية، دفاعًا عن لبنان وسيادته وحرياته واستقلاله، ومتمنيًا على الله سبحانه وتعالى أن يعجِّل بشفاء جروح المصابين، وأن يخفِّف من عذابات النازحين ومن معاناة اللبنانيين، ويسرّع في عودة الجميع إلى ممارسة حياتهم الطبيعية في العطاء والمشاركة الوطنية لتحقيق الإنقاذ الوطني المنشود".
وتابع: "كما يطيب لي في هذه المناسبة، أن أُشيد بالروح الوطنية العالية التي تجلت في مناطق كثيرة من لبنان، لجهة الاحتضان الكبير للبنانيين بين بعضهم بعضًا، واحتضانهم لإخوانهم النازحين الضيوف، والتصميم الثابت لدى اللبنانيين لتأمين العودة السريعة والكريمة للنازحين اللبنانيين إلى بلداتهم وقراهم التي أُجْبروا على النزوح منها قسرًا. هذا الاحتضان الأخوي يؤكِّد ويُثْبِتُ القاعدة الأساس التي قام عليها لبنان، والقائمة على التضامن والتراحم والعيش المشترك الواحد، الإسلامي المسيحيى القائم بين اللبنانيين، والذي يعكس فرادة صيغة لبنان وأهمية دوره في العالم العربي وفي العالم أجمع".
وتطرّق السنيورة في حديثه المشترك مع الشيخ الخطيب "إلى مختلف القضايا الوطنية، ولا سيما أهمية تشديد وتعزيز أواصر الثقة والوحدة الوطنية بين اللبنانيين، والتي هي سلاحهم الأفضل والأمضى في الدفاع عن لبنان، والتي ترتبط بقوة التوازن الثابت بين القوى والمكوّنات اللبنانية، وليس بتوازن القوى الذي يتبدّل ويتغيّر بتبدُّل وتغيُّر التوازنات الإقليمية والدولية، والتي من شأنها التأثير سلبًا في الداخل اللبناني، وفتح الباب واسعًا أمام التدخلات، والتحكُّم بسياسة الدولة اللبنانية الخارجية".
وشدَّد على أنَّ "قوة التوازن في لبنان هو ما يقتضيه ضمان مصالح اللبنانيين الوطنية المشتركة، ولا سيما بكونهم يواجهون "إسرائيل" العدوة لجميع اللبنانيين، وهم في ذلك يتشاركون سويةً المُصاب والمصير الواحد، وهو ما يتطلب منهم التعاون الوطني الصادق والقوي والثابت في ما بينهم".
وقال إنَّ "صيغة العيش المشترك لا تقبل انتصار فريق من اللبنانيين على فريق آخر، وبكونها هي العامل الأساس والضروري من أجل تحقيق الخروج الآمن والسريع من هذه المحنة المستمرة على لبنان، فبوحدتنا ننتصر معًا، ونخسر بتفرقنا وانقسامنا".
واعتبر أنَّ "الوضع الخطير الذي أمسى عليه لبنان يقتضي منا جميعًا المسارعة إلى تحقيق وقفٍ كاملٍ لإطلاق النار، بالتوازي مع انتخاب رئيس جديد للجمهورية، يحظى بثقة اللبنانيين، وبحيث يتمكّن الرئيس المنتخب عندها من السير في إطلاق آلية إعادة تكوين السلطات الدستورية، والتي يُصار بموجبها إلى تشكيل حكومة إنقاذ وطني تتولى تنفيذ وتطبيق القرار 1701 تطبيقًا كاملًا، وبما يدفع باتّجاه التشديد والعمل على حسن واستكمال تطبيق الدستور واتفاق الطائف. هذا فضلًا عن ضرورة السير قدمًا في تطبيق عملية إعادة الإعمار والبناء وإصلاح ما هدمه العدوان "الإسرائيلي"، وبما يُسهم في عودة البلاد إلى الحياة الطبيعية بما يعني توجيه كلّ الجهود لإعادة بناء الدولة ومؤسساتها، ولا سيما في دعم المؤسسات العسكرية والأمنية، وكذلك في تعزيز سلطة الدولة العادلة والواحدة والموحدة، والشروع في مسيرة الإصلاح، والعمل على استعادة النهوض الوطني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي، وذلك بالتعاون الوثيق مع الأشقاء العرب ومع أركان الشرعيتين العربية والدولية".
وختم السنيورة قائلاً: "فلبنان نتيجة هذه الحرب المجرمة والمدمرة التي لا يزال يُعاني منها، قادمٌ أيضًا في الآتي من الأيام على تحدياتٍ كبيرة وخطيرة، ويعلم الجميع أن تحديات السلام ليست أقل هولًا من تحديات الحرب، ولا نستطيع أن نواجهها، إلًا معًا، وبالوحدة الوطنية التي تكسبنا ثقة اللبنانيين، وثقة أشقائنا وأصدقائنا في العالم وتعيننا على تخطيها".