أوراق اجتماعية

العلامة الخطيب: شيعة لبنان ليس لديهم مشروع خاص والحل بمنطق الدولة لا بتخويف الطوائف من بعضها بعضًا

post-img

أكد نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب أن "ما هو حاصل اليوم في لبنان هو موضوع وطني وليس موضوع طائفة، كما يحاول بعض الأفرقاء تحوير القضايا لأهداف وأغراض سياسية داخلية أو خارجية، أو لخدمة شيء خارجي". مشددًا على أن "لبنان هو بلد ووطن جميع اللبنانيين.

وخلال استقباله نقيب محرري الصحافة اللبنانية جوزف القصيفي على رأس وفد من مجلس النقابة، في مقر المجلس بالحازمية أوضح الشيخ الخطيب قائلًا: "نحن نعزّي بعضنا بعضاً. نحن نحزن معًا ونفرح معًا. وهذا معنى الوطنية والمواطنة. نحن أبناء وطن واحد. نحن واحد في وطن يجمعنا التاريخ والجغرافيا والقيم، كما يجمعنا الخطر الذي نتعرض له في لبنان وفي المنطقة".
وأضاف: "كلنا يعلم أن "إسرائيل" ليست دولة طبيعية في المنطقة، وما نراه اليوم في لبنان ليس طارئًا وليس جديدًا. وجود "إسرائيل" قام على أساس القتل والجرائم. هذا الكيان منذ تأسيسه قام على العصابات الصهيونية المعروفة. هناك من يخلق الأعذار "للإسرائيليين" لما يقومون به. هم يعلنون عن أطماعهم وأهدافهم، وهم يظهرون عن أخلاقيتهم ووحشيتهم وعن حبهم لسفك الدماء والقتل، وهم يعتقدون أن بالقتل والترهيب والإرهاب والتدمير باستطاعتهم أن ينالوا شرعية احتلالهم لأرض فلسطين".

وتابع سماحته: "ان إرهابهم يزيدنا إصرارًا على مواجهتهم، خصوصًا أن العالم كله اكتشف حقيقة هذا الكيان الغاصب بعدما كان مأخوذًا بإعلامه، أنه عنوان الديمقراطية والتقدم والحضارة والرقي، وأننا نحن شعوب متخلفة، تحتاج الى مَن يحكمها".

وقال: "اليوم تبين للعالم مَن هم البشر ومَن هم الوحوش. تجربتنا مع "الإسرائيليين"، أي تجربة العرب معهم كانت سلسلة خيبات للأنظمة وليس للشعوب. وبعد سلسلة خيبات تم طرح موضوع السلام مقابل الأرض. وكم مضى من سنوات وعقود على هذا الطرح؟ لم يحصلوا على شيء بل زادت "إسرائيل" شراسة وصفعات متتالية للمنطقة. ولماذا يذهب العرب إلى التطبيع؟ لو كان هذا الاتجاه يؤدّي الى السلام والهدوء في المنطقة كنا نقول ربما هناك شيء جيد لنعوّل عليه. هم لا يقبلون بوجود فلسطيني في الضفة الغربية في ظل سفك دماء ووحشية لا يتصورهما عقل، وفي ظل صمت العالم والمنظمات الدولية والأمم المتحدة".

وأضاف: "ما هو حاصل اليوم لم يفضح "إسرائيل" بل العالم. ومع الأسف هناك من يعتقد من العرب أنه من الممكن إقامة سلام مع هذا الكيان. أنت ضعيف ما من أحد ينظر إليك أو يهتم بك. وما من أحد يحصّل لك حقك ما دمت ضعيفًا. عالم اليوم ليس عالم الأخلاق والمنطق، عالم اليوم هو عالم القوة".

وأردف: "الحل في لبنان هو بمنطق الدولة وليس بمنطق المزارع وليس بتخويف الطوائف بعضها ببعض. اللبنانيون متعايشون مع بعضهم ولا يخافون من بعضهم كما يعتقد البعض، بل هناك مجموعة من أصحاب المصالح التي تمسك بالنظام هم الذين يزرعون الخوف في قلوب الناس. المشكلة ليست بالشعب اللبناني بل ببعض السياسيين. المشكلة ليست بتعدد الطوائف، فالكل يؤمن أن تعدد الطوائف في لبنان هو نعمة".

وقال العلامة الخطيب: "لقاء المسيحية والإسلام هو عبارة عن لقاء القيم الإنسانية الإلهية والأخلاقية، ولكن عندما يحاول بعضهم تحويل الأديان الى قبائل، والقبائل تتحوّل الى عصبيات والعصبيات تتحوّل إلى أحقاد وإلى تنازع على المصالح، نقع في ما لا نريده. الدين ليس هكذا، الدين هو القيم والأخلاق. عندما فقدنا الأخلاق، استطاع العدو تحويلنا إلى عصبيات وقبائل متنازعة على المصالح ووصلنا إلى ما وصلنا إليه".

أضاف: "العدو "الإسرائيلي" يشن حربًا علينا ونحن نتنازع داخليًا ونستغل العدوان "الإسرائيلي" لنستفيد منه لمصالح فئوية أو حزبيّة. هل هذه هي الوطنية؟ لا ليس هكذا تكون الوطنية، فضلًا عن كونها إنسانية أو أخلاقية. وما أقوله لا أعني به الشعب اللبناني بل بعض المسؤولين عندنا. اللبنانيون وفي كل المناطق أثبتوا من خلال استقبالهم لإخوانهم النازحين في منازلهم عن وطنية كبيرة. أثبت الشعب اللبناني أنه أفضل من بعض سياسييه الذين يفتقرون إلى الوطنية. نحن بمركب واحد بحاجة الى تضامننا كي لا يغرق".

وتابع: "كشعب لبنان تجمعنا القيم والجغرافيا، كلنا في لبنان وسنبقى كلنا في لبنان، وما من أحد منّا طارئ على هذا الوطن ولا أحد منّا يريد الخروج من لبنان، هذه ثابتة أبدية. ونحن كمسلمين شيعة في لبنان، كما وقفنا إلى جانب الفلسطينيين وهم إخواننا في الدين وجيراننا، لكن أقول إن ابن بلدي أولى من غيره. نحن سنقاتل من أجل بقاء المسيحيين في لبنان. علينا كلنا ألا نخرّب بلدنا بيدنا.. اليهود انقلبوا على دينهم وأخلاقهم. نحن لسنا ضد اليهودية بل ضد اليهود والصهاينة".

ولفت إلى أننا "في مواجهة وحوش وهذا ما يشاهده العالم اليوم. وأنتم في هذه اللحظات تسمعون كيف يمطرون الضاحية بقنابلهم وهم يعتقدون أنهم يرهبوننا. فهم لا يرهبوننا وطبعًا لا يرهبون اللبنانيين. وهم يعتقدون أن المقاومة انتهت باستشهاد السيد حسن نصر الله. المقاومة اليوم تسطّر بطولات على الحدود وهم حاولوا الدخول إلى أراضينا ولكنهم لم يستطيعوا الدخول شبرًا واحدًا. لم يدخلوا إلى قرانا الأمامية، يدخلون ويخرجون ولم يتمكنوا من الثبات في قرانا".

وأكد أن "إسرائيل" لم تطبق القرار 1701 فهناك 35 ألف خرق للقرار مسجل من قبل قوات الأمم المتحدة. من طبع العدو العدوان والتوسّع، إنه عدو لا يمكن التفاهم معه. "لذلك أقول إن الوحدة الوطنية هي أساس بالنسبة للبنان. وأقول إن "الإسرائيلي" لن يرضى بتطبيق القرار 1701 وهو يضع الشروط التي يرددها وأبرزها حق الاعتداء على السيادة اللبنانيّة".

وقال: "نحن لسنا مهزومين وعمقنا في التاريخ يشهد لنا. نحن شعوب قوية ولا يمكن لأحد أن يقتلعنا من أرضنا. هو، أي الكيان "الإسرائيلي"، كيان طارئ على هذه المنطقة. إننا ندفع الثمن، هذا صحيح ولكن ما بعد هذا الثمن سننال حريتنا واستقلالنا، ما من شيء يتحقق من دون تضحيات".

وأردف: "للجميع أقول إنه ليس للشيعة مشروعهم الخاص في لبنان. نحن نريد دولة حقيقية في لبنان تدافع عن سيادتها وتحافظ على كرامة شعبها، وليس دولة تدير ظهرها للمشكلة ولأي اعتداء على أرضنا. نريد دولة ذات سيادة لديها جيش قادر على الدفاع عن لبنان أرضاً وشعباً. يستشهد أبناؤنا وينزحون ويهجرون ليس لأننا لا نحب الحياة، نحن نحب الحياة، والحرب فُرضت علينا ولن يُترك لنا الخيار بذلك. الدولة تركتنا للوحش "الإسرائيلي" ونحن لن نستسلم أمامه، فإذا الدولة لا تريد أن تقاتل هذا الوحش نحن مستعدون لذلك. ولكن نحن أساسًا نريد الدولة العادلة القادرة".

وكان استهل اللقاء بكلمة لنقيب المحررين قال فيها: "في كل مرة أزور المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى بالحازمية، تتراءى أمام ناظري صورة الإمام المغيب موسى الصدر بقامته المديدة كالرمح السمهري، ووجهه الصبوح الذي يوحي بالتفاؤل، ورحابته التي تتسع للجميع، وكأنه واحد في الكل، وكأن الكل اجتمع في شخصه".

أضاف: "في أذني دعوته إلى الكلمة السواء التي تبني وتشقع لبنات المحبة الواحدة تلو الأخرى لترتفع عمارة الحوار وقبول الآخر. وفي أذني تصدح كلمته: "إسرائيل" شر مطلق، ومواجهتها تكون بوعي خطورة وجودها كياناً غاصبًا ينبغي التصدي له بالوحدة الوطنية، ومقاومتها بكل ما ملكت أيماننا من أسباب القوة".

وتابع: "ها إنكم اليوم تواصلون رسالة الإمام المغيب في الحوار ومد الجسور بصبر وطول أناة وجلد على المكاره، وأنتم تعانون وتعاينون المآسي التي تلاحق اشقاءنا في المواطنة من الجنوب إلى البقاع، فضاحية بيروت الجنوبية مروراً بكسروان - الفتوح وجبيل وصولًا إلى أقاصي الشمال".

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد