انطفأت الفنانة التشكيلية اللبنانية سامية عسيران أخيرًا عن عمر يناهز الثمانين عامًا، بعدما كانت إحدى أبرز فنانات جيلها. وُلدت الراحلة في صيدا العام 1944، وكانت من بين قلّة من الفنانات اللواتي استطعن الصمود والاستمرار في ممارستهن الفنية رغم تاريخ لبنان المليء بالاضطرابات. هي ابنة السياسي والرئيس السابق لمجلس النواب عادل عسيران. حصلت على شهادة البكالوريوس في الفنون الجميلة من «كلية بيروت الجامعية» العام 1965، ثم أكملت دراستها في مدينة فلورنسا الإيطالية، حيث نالت شهادة الماجستير في الفنون الجميلة من «معهد بيوس الثاني» العام 1967.
عادت من إيطاليا إلى لبنان لتشهد بدايات الأزمات التي عصفت بالبلاد. عملت أستاذة للفنون الجميلة في «كلية بيروت الجامعية» بين عامي 1970 و1972. ومع اندلاع حرب أكتوبر العام 1973، انتقلت إلى اليابان حيث حصلت على شهادة في فن التصميم من جامعة طوكيو. ألهمتها دراستها في اليابان، فأنتجت لوحات تصوّر المناظر الطبيعية التي تجسد الحدائق اليابانية والفوانيس والصخور. بعد ذلك، عادت إلى لبنان لتشهد على الحرب الأهلية اللبنانية.
في العام 1977، أسست جمعيّة «أرتيزانا صيدا وجنوب لبنان»، التي تُعنى بتعليم الفتيات فنون التطريز والأشغال اليدوية. وعُرفت باستكشافها الدائم للأنماط والوسائط الفنية الجديدة، حيث استلهمت عددًا من أعمالها من الأحداث الشخصية التي مرت بها. فقد أثرت وفاة شقيقها عبد الله عام 1972 بعمق في حياتها ومسيرتها الفنية، وكرّمته عام 1974 بسلسلة من الرسومات بالأبيض والأسود.
كما ألهمها فقدان والدها عام 1998 بإنتاج سلسلة لوحات تصوّر الزهور، عُرضت في قصر الأونيسكو في بيروت عام 1999. وبعد وفاة والدتها عام 2007، خصصت سلسلة أُخرى من اللوحات تصوّر الأزهار البريّة والصبّار تكريمًا لها. اهتمت عسيران أيضًا بالقضايا الوجودية، إذ تعكس أعمالها تساؤلات عميقة حول الطبيعة البشرية ودور الإنسان في الكون. برزت شخصيّات البورتريه في أعمالها، بالتركيز على تعبيرات الوجوه والتفاصيل الدقيقة التي تعكس انفعالاتها.
إلى جانب الفن التشكيلي، هوت عسيران كتابة الشِعر، وأصدرت عددًا من الكتب التي دمجت فيها بين الشعر والرسم، مثل «في ظلال الحرب والسلم» و«من طقوس النور والظلام». عُرضت أعمالها في إيطاليا واليابان ودول أخرى، وشاركت في أرقى المعارض الفنية في بيروت. عرضت في معرض الخريف السنوي الذي يُقام في متحف «سرسق»، إلى جانب عرض أعمالها في غاليري «تانيت» وغاليري «أجيال».
