يعد القطاع الصحي في مجتمع المقاومة من الركائز الأساسية التي تعكس مدى صموده وقدرته على مواجهة الأزمات.
ومن بين مؤسسات هذا القطاع، يبرز مستشفى الرسول الأعظم "ص" في الضاحية الجنوبية لبيروت، الذي أثبت خلال الحرب وسط القصف والدمار، تمكّن فريقه الطبي والإداري من مواجهة التحديات الكبرى وتقديم خدماته رغم المخاطر.
مدير مستشفى الرسول الأعظم حسين شقير، عرض في حديث لموقع العهد الإخباري التحديات التي واجهها المستشفى أثناء الحرب، وكيف تعامل مع الأوضاع الصعبة التي فرضتها، إضافة إلى الخطط المستقبلية للمستشفى.
الصعوبات التي واجهها المستشفى أثناء الحرب
أكد شقير أن: "المستشفى كان في منطقة مستهدفة، مما أدى إلى حالة من الارتباك لدى الفريق الطبي والإداري في موضوع التنقلات، سواء بالنسبة للموظفين أو الأطباء، في ظل الظروف الصعبة والمخاطر المستمرة".
وأشار إلى أن المستشفى كان يعمل على مدار الساعة طوال فترة الحرب، مع بقاء العديد من الأطباء والموظفين فيه على الرغم من المخاطر.
وقال شقير: "في بداية الحرب، كان هناك عدم أمان، وكانت الطواقم الطبية تعمل في ظروف قاسية، حيث كان المستشفى مهدّدًا بالقصف مثل غيره من المنشآت المدنية، بما فيها الصيدليات والمنازل".
وشدد على أن الفريق الطبي والإداري لم يتراجع عن التزامه رغم هذه التحديات: "رغم الصعوبات، لم يتراجع أحد من الفريق الطبي، والكل ظل موجودًا لضمان استمرارية العمل".
أما بالنسبة لعدد المرضى، فقد كان هناك بحسب شقير انخفاض ملحوظ في عدد المراجعين، "ولكننا أصررنا على إبقاء المستشفى مفتوحًا، حيث كانت الطوارئ وغرف العمليات والمختبرات والأشعة تعمل بشكل مستمر".
وأضاف: "حتّى قبل انتهاء الحرب بحوالي 20 يومًا، قمنا بفتح العيادات للمرضى الذين كانوا بحاجة ماسة إليها".
الأضرار وكيفية التعامل معها
لم يكن مستشفى الرسول الأعظم بمنأى عن الأضرار التي خلفتها الحرب، فقد تعرض المستشفى لعدة ضربات بالقرب من الموقع، وكان هناك قصف على طريق المطار المجاور.
هذا القصف وفق مدير المستشفى أسفر عن أضرار محدودة، تمثلت في تكسير الزجاج وسقوط بعض الأسقف المستعارة في الممرات والغرف.
ولفت إلى أنه تم التعامل مع هذه الأضرار بشكل سريع، "حيث بدأنا في إصلاح الأعطال مباشرة في اليوم التالي لضمان استمرار العمل. ولم يتعرض المستشفى لأضرار كبيرة تخرجه عن الخدمة طوال فترة الحرب".
المستشفى وخططه المستقبلية
وأوضح شقير أن هذا الصرح هو جزء من المجتمع المقاوم، ولذلك بدأنا في إعادة ترتيب أمور المستشفى بمجرد وقف إطلاق النار. في اليوم التالي لوقف القتال، كان المستشفى جاهزًا لاستئناف عمله بكامل خدماته.
وأشار إلى أن عملية "إعادة التشغيل كانت سريعة وفعالة: خلال أيام قليلة، كانت جميع خدمات المستشفى تعمل بشكل كامل، وبعد أسبوع، لم يكن هناك أي خدمة مفقودة، وكلّ شيء كان جاهزًا لاستقبال المرضى".
وبيّن شقير أن المستشفى يخطط لتوسيع خدماته بما يتناسب مع احتياجات المجتمع بعد الحرب. وقال: "لدينا خطط تطويرية مستقبلية تهدف إلى تلبية الاحتياجات المتزايدة في ظل الوضع الجديد، تركز بشكل خاص على معالجة الجرحى ورفع قدرات المستشفى في تخصصات جديدة".
رسالة للمجتمع بعد الحرب
وتوجه شقير عبر "العهد" برسالة حول التضحيات التي قدمها الطاقم الطبي أثناء الحرب، قائلًا: "نحن نُعزي أنفسنا أولًا في شهداء العمل الطبي والصحي، الذين بلغ عددهم حوالي 180 شهيدًا، منهم 10 شهداء من مستشفى الرسول الأعظم".
ونوه إلى أن هؤلاء كانوا في مقدمة الجبهة الإنسانية واستشهد 8 منهم أثناء عملهم الطبي، إضافة إلى ممرضة استشهدت في بيتها.
واستطرد قائلًا: "نحن نعمل بنهج المقاومة، المستشفى سيظل في خدمة أهلنا ومجتمعنا، وسيستمر في تقديم الخدمات الطبية المتطورة كما أننا على استعداد دائم لمواجهة التحديات القادمة، وسنعمل جاهدين لتقديم أفضل رعاية صحية لمرضانا".
وشدد شقير في ختام حديثه لموقعنا على أن مستشفى الرسول الأعظم سيظل على عهده في تقديم الدعم الطبي والإنساني لجميع المواطنين، وأن التحديات ستظل قائمة ولكن العزم على تقديم الخدمة لن يتراجع.