«الحكيم من اتّعظ بغيره، والشقيّ من اتعظ بنفسه» بهذه الجملة التي قالها مرّة «صقر قريش» (2002 ـــ تأليف وليد سيف وإخراج حاتم علي)، عقّب النجم السوري جمال سليمان على سقوط النظام معيدًا ما قالته شخصيّته في ذاك المسلسل. خلال السنوات الماضية، لم تنقطع علاقة الوسط الفني والإعلامي السوري بجمال سليمان، إلا عندما صار الأمر يشكل خطرًا على من يقيم داخل أسوار الخوف، مع حرصه الدائم على أن يكون جميع أصدقائه بخير.
اليوم، يبدو أنّ كثيرين ممن يعملون في المهن الإبداعية السورية يعوّلون على الرجل وأمثاله لكي يكونوا صوتهم وانعكاسًا لصورتهم في أي حراك سياسي، وضمانة لاستمرار عملهم بشكله الطبيعي، وصوتهم العالي في مواجهة أي نية لأخذ سوريا نحو مطارح متطرفة.
في حديث هاتفي طويل معه، يشرح سليمان عن تحركاته المكوكية وتنقلاته في مجموعة عواصم عالمية، مع «هيئة التفاوض» المعارضة والناشطة من القاهرة، إذ كان مقررًا لرئيسها بدر جاموس إلقاء كلمة أمام مجلس الأمن في نيويورك. وإذا كان الممثل السوري يتفهّم شعور الخوف الذي يسيّج يوميات جزء من مواطنيه حول شكل حياتهم القادمة، ومستقبل البلاد في العموم، إلا أنه يتمنى على كل هؤلاء ألا يستسلموا لخوفهم «لأننا جميعنا مطالبون بالسعي الحقيقي للتغلب على هذا الخوف عبر المبادرة نحو العمل كلٌّ ضمن اختصاصه والمجالات المتاحة أمامه» وفقًا لما يقوله نجم «التغريبة الفلسطينية»، من دون أن يخفي نيّة النزول قريبًا جدًا إلى دمشق، «على أن يكون لهذه العودة معنى وفاعلية على الأرض».
ننتهز الفرصة لنسأله عن الخبر الذي تداولته وسائل الإعلام وتحوّل إلى «تريند» ويفيد بإمكانية ترشّحه لمنصب رئاسة الجمهورية، فيوضح قائلًا «سبق أن سئلتُ إن كنت أنوي الترشح لمنصب رئاسة الجمهورية قبل سنوات، وأعيد طرح هذا السؤال خلال الأيام الماضية. وعندما أجبت بالإيجاب في المرة الأولى، كان ذلك رسالةً بأن هذا حقّ مشروع لكل مواطن سوري، ويجب على كل من يرتئي في نفسه القدرة لهذا المكان أن يترشح. المسألة «تابوه» كرّسته السلطة خلال سنوات، لذا لم يكن يندرج ضمن طموحات أي سوري أن يصبح وزيرًا أو رئيس وزراء. كما أنه من المخيف جدًا التفكير في أنه سيصبح رئيس جمهورية، لأن النظام كرّس عند عامة الشعب فكرة استحالة أن يصل أي مواطن إلى منصب سياسي، إلا إذا ارتأت السلطة ذلك. لكن لنكن واضحين: الآن ليس وقت الحديث عن هذا الأمر لأنه لم تتشكّل بعد لجنة تقبل طلبات الترشح، وليس هناك دستور جديد ولم نصل إلى مرحلة صارت البلاد مستعدة لانتخاب رئيسها.
عمومًا، قرّرت السوشال ميديا أن تأخذ العنوان الكبير، لأن الأهم من ذلك هو بناء سوريا وتوفير بيئة آمنة لكل السوريين الذين يودّون ترشيح أنفسهم للبرلمان أو رئاسة الجمهورية، ويحظون بفرصة نزيهة بإشراف الأمم المتحدة والمؤسسات القضائية. اليوم نحن أمام استحقاق تاريخي وطموحنا أن نحظى بدولة لا مركزية، تكون وحدة سوريا فيها أمرًا مقدسًا يأتي في أولوية كل الجهود». ماذا عن قراءته للمرحلة الانتقالية في سوريا؟ يجيب: «لا تزال غامضة. تتسيّد المشهد حالة الفرحة السورية الغامرة بزوال النظام القمعي. الأكيد بأن التحديات في المستقبل جسيمة تلزمها مرحلة انتقالية تقودها قوى سياسية وثورية. ومن صنع هذا النصر هما تضافر القوتين السياسية والعسكرية، ويجب أن تكون هذه المرحلة مطمئنة للجميع، ولا تعبّر عن وجهة نظر واحدة».
عن مدى ثقته بحدوث عملية انتقال للسلطة وعدم الاستئثار بها من جهة واحدة، يقول: «نسعى إلى تأمين البيئة التي تخلق الثقة عند عموم السوريين». وفي ما يخص المقارنات بين المرحلة السابقة والتخّوف من أسلمة الدولة أو أخذها إلى مطارح متشددة وفكرة وجود «هيئة تحرير الشام» على قائم الإرهاب، يعقّب نجم «الفصول الأربعة» قائلًا: «هذه المرحلة ليست للتصنيفات. يمكن القول إنّها صفحة جديدة تبدأ على بياض. وعلى اعتبار أنها فتحت من أجل سوريا المستقبل، يجب أن تقوم على أعلى قدر من التسامح. ما نأمله ونعمل عليه أن تتجه كل القوى السياسية والفاعلة نحو بناء الدولة على أساس المواطنة وإفساح المشاركة للجميع».