أوراق إعلامية

كيف تسرق «روبوتات غرينش» هدايا الميلاد؟

post-img

في مشهد يعيد إلى الأذهان أفلام التسعينيات، تحولت معركة شراء الهدايا في أعياد الميلاد إلى ساحة رقمية. التنافس لم يعد مقتصرًا على المشترين التقليديين فقط، بل امتد ليشمل خصمًا غير متوقع: «روبوتات غرينش».

على سبيل المثال، بالرغم توفر دمية باربي الرياضية في البداية، سرعان ما اختفت من المتاجر الإلكترونية بمجرد إضافتها إلى عربة التسوق، وكأنها تبخرت أمام أعين المتسوقين. هذه الظاهرة ليست عشوائية، بل هي نتيجة لهجمات رقمية منظمة تنفذها برامج روبوتية متقدمة تعمل بسرعات تفوق قدرات البشر.

أدوات رقمية خبيثة

تُعرف هذه البرامج باسم «روبوتات غرينش»، نسبةً إلى الشخصية الخيالية التي سرقت هدايا أعياد الميلاد. تمسح هذه الأدوات مواقع البيع الإلكتروني للعثور على المنتجات الرائجة وشرائها بكميات كبيرة، ثم تُعاد بيعها بأسعار مبالغ فيها على مواقع أخرى أو عبر قنوات غير رسمية.

ووفقًا لتقرير شركة «كلاود فلير»، تعمل هذه الروبوتات بكفاءة عالية، إذ تتمكن من ملء عربات التسوق وإتمام عمليات الشراء خلال ثوانٍ، ما يجعلها تتفوق على المتسوقين العاديين. خلال يوم الجمعة الأسود الأخير، سجلت الشركة أكثر من 300 مليار محاولة شراء باستخدام الروبوتات.

قوانين غير كافية

بالرغم من محاولة الولايات المتحدة كبح هذه الظاهرة عبر «قانون إيقاف الروبوتات الآلية» الذي دخل حيز التنفيذ في كانون الأول (ديسمبر) 2021، إلا أن التطبيق الفعلي للقانون لا يزال محدودًا. السبب يعود إلى قدرة المجرمين على استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لإخفاء هويتهم وتطوير تقنيات أكثر تطورًا.

أظهر تقرير من شركة «إمبيرفا» أنّ 40 في المئة من المتسوقين عبر الإنترنت تأثروا سلبًا بهذه الظاهرة. كما أوضح التقرير أن استخدام الذكاء الاصطناعي يزيد من كفاءة الروبوتات، ما يؤدي إلى إحباط المستهلكين ودفعهم إلى شراء بدائل أقل جودة أو بأسعار أعلى.

كيف يمكن المواجهة؟

في ظل هذه التحديات، تعمل شركات الأمن السيبراني على تطوير أدوات تعتمد على الذكاء الاصطناعي لمواجهة هذه الروبوتات. يمكن لتجار التجزئة تقليل الأضرار عبر تحليل سلوكيات الشراء لتحديد الأنشطة المشبوهة، واستخدام أنظمة متقدمة للتصدي للهجمات الرقمية.

قد يكون الأوان قد فات بالنسبة للكثير من المتسوقين في موسم أعياد الميلاد هذا العام، لكن الجهود مستمرة لتطوير حلول فعالة تمنع «روبوتات غرينش» من سرقة فرحة العيد مستقبلًا.

أما بالنسبة لدمية باربي الرياضية، فقد شُحنت من بلد آخر لتصل في الوقت المناسب، لكنها تمثل حالة واحدة فقط من بين العديد من القصص التي تسلط الضوء على هذه المشكلة المتنامية.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد