فقد المغرب بين الجمعة والسبت، ثلاثة من أبرز الوجوه في مجالات الإعلام والفن وعلم التاريخ، ويتعلق الأمر بالإعلامي والكاتب العربي بنتركة، والفنان محمد الخلفي، والباحثة لطيفة الكندوز.
كان أول الراحلين في هذه الساعات الـ48 الحزينة، الكاتب والصحافي العربي بنتركة، الذي يعتبر أحد رواد المشهد الإعلامي المرئي والمسموع في المغرب وقيدوم الإذاعة والتلفزيون المغربي، وترك رصيدا غنيا في هذا المجال يغني عن كل حديث.
الراحل الذي رحل الجمعة، هو من مواليد 1945 بمدينة الدار البيضاء، وكانت أولى خطواته في مسيرته المهنية، سنة 1962 عندما التحق بالإذاعة والتلفزة المغربية، ليشرع في رسم ملامح مسار إعلامي مميز تمثل في أكثر من 30 برنامجا توزع بين المسموع والمرئي، وتخصصت في الثقافة والفن والآداب والمجتمع والترفيه.
إلى جانب رصيده الإعلامي الإذاعي والتلفزيوني، ترك الراحل بنتركة رصيدا من المؤلفات التي أصدرها في فترات من مسيرته المهنية والابداعية، كان آخرها مؤلفه الضخم الذي كان عبارة عن الجزء الأول من أعماله الكاملة والذي جاء في 549 صفحة من القطع المتوسط، وضم بين دفتيه ثمانية أعمال، بالإضافة إلى عمل روائي جديد ينشر لأول مرة.
من بين العناوين التي ضمها الجزء الأول من أعماله الكاملة “العقل أولا.. العقل أخيرا”، و”إصلاح الإعلام.. لا إعلام الإصلاح”، و”فوهة بركان”، و”ليال بلا قمر ولا مطر”، و”أنشودة القمر”، ورواية “الصراصير”.
الراحل كان أيضا يكتب السيناريو والمسرحيات، ونذكر من إبداعاته المسرحية “القرية” (1976)، و”راجل ولد امه” (1989)، و”واحة الفرح” (عمل مشترك، 1989)، وفي مجال الأفلام لتسجيلية، أنجز “المدينة المهجورة”، و”قصة الصخرة”، و”واحات تافيلالت”، و”متحف الأسلحة” (فاس)؛ وفي مجال السيناريو نذكر من بين أفلامه التلفزيونية الروائية “شادية” و”قصر السوق”.
من الإعلام إلى الفن، فجع المغاربة أيضا في رحيل أحد أبرز الوجوه في مجال التمثيل، وهو الفنان محمد الخلفي الذي كانت وضعيته الصحية قد شغلت الناس طيلة شهور مضت، وكانت موضوع شائعات، والكثير من الاجتهادات والفرضيات والجدل على منصات التواصل الاجتماعي.
وأعلن السبت عن رحيل الممثل محمد الخلفي عن عمر ناهز 87 عاما، ولم تخل لحظة وفاته أيضا من مزايدات إخبارية مثل عودة قلبه إلى النبض وفحصه من جديد من طرف الطبيب الشرعي للتأكد من وفاته. وأفادت “النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية” في تدوينة على فيسبوك، بأن الفنان القدير محمد الخلفي انتقل إلى عفو الله، وتقدمت بهذه المناسبة الأليمة بخالص العزاء إلى عائلة المرحوم وكل زملائه ومحبيه.
الفنان الراحل وهو من مواليد مدينة الدار البيضاء عام 1937، كان له حضور مميز في مختلف الأعمال التي شارك فيها، ومزج بين جدية الشخصية والفكاهة المبطنة أيضا، كما لعب أدوارا مختلفة على خشبة المسرح.
كانت بداياته المسرحية عام 1957 في مسرح الهواة بمعية الطيب الصديقي وأحمد الطيب العلج، وبعد الهواية دخل إلى الاحتراف المسرحي وأسس فرقة “المسرح الشعبي” سنة 1959، ثم فرقة “الفنانين المتحدين”.
في التلفزيون كان أحد رواده بالمغرب وذلك بداية ستينيات القرن الماضي، حيث قدم أول مسلسل تلفزيوني بوليسي يحمل عنوان “التضحية”، ثم “بائعة الخبز”. سينمائيا، شارك في العديد من الأفلام من بينها: “سكوت، اتجاه ممنوع” للمخرج عبد الله المصباحي، و”هنا ولهيه” للمخرج محمد إسماعيل، كما حضر في المسلسل التاريخي “ملوك الطوائف”، وكان أحد نجوم سلسلة “لالة فاطمة” التي أنتجتها القناة الثانية المغربية (دوزيم).
وفي عصر يوم السبت نفسه، صدم مجتمع البحث العلمي برحيل الباحثة في علم التاريخ، لطيفة الكندوز، بشكل مفاجئ، بعد الإصابة المفاجئة التي تعرضت لها وهي تؤدي واجبها العلمي والثقافي في قلب “جمعية رباط الفتح” التي أعلنت الخبر “بألم شديد وأسى عميق”. ووصفت الجمعية في نعيها، رحيل الباحثة لطيفة الكندوز بـ”الرزئ الفادح”، وهي التي كانت عضوا بالجمعية المغربية للبحث التاريخي، وباللجنة المغربية للتاريخ البحري.
حصلت الراحلة على الإجازة (بكالوريوس) في التاريخ سنة 1977، وشهادة الدراسات العليا في التاريخ الحديث سنة 1979، ودكتوراه في التاريخ المعاصر من جامعة محمد الخامس في 2002، ولها مؤلفات في مجال تخصصها نذكر منها الكتب التالية “موقف المغاربة من التقنيات الحديثة، التلغراف نموذجا”، و”الطباعة والنشر بسلا ودورها في مقاومة الاستعمار”، و”المنشورات المغربية منذ ظهور الطباعة إلى سنة 1956″، ثم “الطباعة ودورها في نشر المعرفة بالمغرب”.