حسين كوراني
واجه شباب الدفاع المدني، من مسعفين ورجال إنقاذ، خطر الموت وهم يقومون بأداء عملهم الإنساني في نقل الشهداء والجرحى ودفع الأخطار عن المواطنين خلال العدوان الإسرائيلي الأخير الذي استهدف لبنان. إذ كثيرًا ما عَمَدَ جيش العدو إلى استهدافهم فأصبحوا هم أنفسهم ضحايا الحرب المدمرة التي عصفت بلبنان منذ الثامن من أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي.
كثيرة هي الأهوال التي يواجهها شبان الدفاع المدني في إصرار دائم على أداء رسالتهم الإنسانية النبيلة، في سباق مع الزمن لإنقاذ أرواح الناس. وفي أثتاء تأدية عملهم، خلال الحرب، عملوا، في الليل والنهار، وتحت مخاطر القصف العشوائي للعدو غير المكترث بتلك العلامة التي تحملها سيارات الإسعاف التي تدل على هوية ركابها.
على الصعيد العملياتي، وُضعت خطة لإعادة تموضع عناصر الدفاع المدني بعد تعرض مراكزهم الأساسية للقصف. وقضت أن يكون العناصر على أهبة الاستعداد في نقاط قريبة من الأماكن المعرضة للقصف، في كل منطقة من أراضي لبنان. وتقوم العناصر بعدة مهام: أولها إخماد الحرائق الناجمة عن غارات العدوان، نقل المصابين إلى المستشفيات والبحث عن المفقودين تحت الأنقاض، بالإضافة إلى الإسهام في الخدمات العامة لمواجهة تداعيات الحرب؛ مثل توزيع المياه والطعام والدواء على النازحين في مناطق الإيواء ومراكزها.
في هذا السياق، كانت المشاركة الأكبر لعناصر الدفاع المدني من الهيئة الصحية الإسلامية. فقد كشف مسؤولها الإعلامي محمود كركي لموقع "أوراق" عن الصعوبات التي كانت تواجه المسعفين خلال الحرب، حيث كانت استهدفًا مركّبًا حصل في عدة مناطق لبنانية، ومنها بين العديسة والطيبة؛ حيث استهدف سيارتي إسعاف في أثناء تقدمهما لإنقاذ سيارة إسعاف تعرضت لغارة من طائرة مسيّرة، كذلك في برعشيت عند تدمير مركز فوج بنت جبيل بغارة إسرائيلية، حيث استهدفت السيارات التي قَدُمت لانتشال 14 شهيدًا، ما أبقى جثامينهم لعدة أيام تحت الركام، وأيضًا في مركزي كفرتبنيت والمريجة حصل الأمر ذاته.
كما أوضح كركي لـ "أوراق" أن المراكز المستهدفة قد بلغت 43، والآليات: إسعاف 13، إطفاء 44، إنقاذ 16، وعدد الشهداء بلغ 155، والجرحى 200. وكان عدد الشهداء الأكبر سقط في مركز برعشيت (14 شهيدًا) وفي مركز دردغيا (5 شهداء).
إلى جانب الهيئة الصحية الإسلامية؛ قامت كشافة الرسالة الإسلامية بدور فعال في المشهد الجنوبي، حيث كانت تنجز مهامها اليومية في إخماد الحرائق ونقل المصابين واستخراج جثامين الشهداء. ويؤكد مفوض الدفاع المدني المركزي في جمعية الرسالة ربيع عيسى، في حديثه لموقع "اوراق"، أهمية أداء الدور الإنساني والأخلاقي في خدمة أهالي الجنوب في ظل "الهجمات الوحشية" الإسرائيلية. ويضيف عيسى: "نفذنا أكثر من 300 مهمة مختلفة، وقدمت الجمعية شهداء وجرحى طوال أيام الاعتداءات الإسرائيلية".
يتابع عيسى قائلاً: "ممّا لا شك فيه أن العمل، في أثناء القصف والغارات، يشكّل خطرًا كبيرًا، خاصة مع إعادة استهداف الأماكن التي قصفت مسبقًا، فضلًا عن القذائف الفسفورية والدخانية، أمام تواضع التجهيزات والعتاد" وقلتها. وأضاف أن الغارات الأعنف كانت على مركزي دير قانون رأس العين؛ حيث ارتقى 6 شهداء، وفي حناويه ارتقى 5 شهداء. وقال إن عدد الشهداء الإجمالي في الحرب بلغ 36، والجرحى 136، وبلغ عدد السيارات التي استهدفت 149، والمراكز المستهدفة 20، يضاف إليهم 27 شهيدًا من كشافة الرسالة الإسلامية كانوا مع طواقم الإسعاف.
كما شارك الصليب الأحمر اللبناني والدفاع المدني التابع للدولة بعمليات الإسعاف والإنقاذ في الحرب. فقد بلغ عدد الشهداء، منذ بداية العدوان، 31 شهيدًا وعشرات المصابين، وتعرض 18 مركزًا للتدمير الكلي والجزئي، إضافة إلى إصابة 35 سيارة إسعاف بتدمير كلي وجزئي أيضًا. وكانت الغارة على مركز بعلبك الإقليمي، في بلدة دورس، هي الأعنف فقد أودت بحياة 14 شهيدًا، إضافة إلى مصاب واحد.
جدير بالذكر أن للدفاع المدني التابع للدولة 225 مركزًا في مختلف الأراضي اللبنانية، وتشمل: مديرية الدفاع المدني وحدة إطفاء، ووحدة إسعاف، ووحدة بحث وإنقاذ. ويعمل في المديرية 2100 موظف، إضافة إلى عدد من المتطوعين يتراوح عددهم بين الـ 4000 و الـ 5000 متطوع.
هذه الحرب الإسرائيلية تجاوزت الخطوط الحمراء كافة، وكشفت الوجه الإجرامي للعدو، وضربت بعرض الحائط كل الأعراف والقوانين الدولية التي تكفل الحماية لعناصر الإسعاف والإنقاذ في مواقع غارات الطائرات المعادية.