ينتمي الفنّان الأردني الفلسطيني ياسر الدويك، والذي غادر عالمنا، إلى مرحلة السبعينيات التشكيلية التي شهدت نقلةً نوعية تمثّلت في بروز الجانب الأكاديمي مع وصول فنّانين من بلدان عربية وأوروبية بشهادات عليا في الفنون التشكيلية؛ إذ حصل الفنّان على بكالوريوس في الرسم والتصوير من "أكاديمية الفنون" من "جامعة بغداد" عام 1968، ودبلوم في الفن والتربية من "كلّية برايتون" في بريطانيا عام 1973، قبل أن يعود إلى عمّان.
وُلد الدويك في الخليل في العام 1940، أي قبل نكبة فلسطين بثماني سنوات، ثمّ انتقل مع أسرته في سنّ مبكرة إلى مدينة القدس، حيث أنهى تعليمه الثانوي عام 1958. وكان في العاشرة حين تعرّف إلى شاب مصري سافر إلى فلسطين وعمل في مقهى والده. كان الشاب، وفق ما روى الدويك في مقابلات معه، رسّامًا، وتعلّم منه رسم البورتريهات بالفحم.
أثناء المرحلة الثانوية، تعلّم الدويك فنّ التذهيب حين شارك في تذهيب قبّة الصخرة الذي نفّذه فنّيون إيطاليون ومصريون. وبعد سنوات من تخرّجه من "معهد معلّمي العروب" عام 1961، عمل خلالها في التعليم في بيت لحم، كانت عمّان محطّته المقبلة؛ حيث عمل في قسم الوسائل التعليمية بوزارة التربية والتعليم الأردنية، ثمّ بغداد التي انتقل إليها لدراسة الفنّ، قبل أن يعود إلى عمّان ويعمل موجّهًا تربويًا في وزارة التربية والتعليم حتى عام 1985، ثمّ ينتقل إلى الإمارات ويعمل موجّهًا تربويًا حتى عام 2002، ثمّ يعود إلى الأردن مجدّدًا ويعمل مدرّسًا لمادّة فنّ الغرافيك في كلّية الفنون والتصميم بـ"الجامعة الأردنية".
خلال عمله موجّهًا في وزارة التربية والتعليم الأردنية، أسهم الدويك في صياغة مناهج التربية الفنّية للمراحل التعليمية الأُولى، كما في أسهم في إرساء المشهد التشكيلي مع عدد من فنّاني جيله، من خلال معارضهم ومشاركاتهم في ملتقيات عربية ودولية، إلى جانب تأسيسهم "رابطة التشكيليّين الأردنيّين" عام 1977.
على امتداد تجربته لأكثر من نصف قرن، أنجز ياسر الدويك مئات من الأعمال الفنّية التي توزّعت بين الرسم والتصوير والحرف اليدوية والحفر والطباعة والسيراميك والطلاء بالمينا، واستخدم فيها مواد مختلفة؛ مثل الخشب والحديد والكرتون والقماش المطرّز برسومات النباتات، وأقام أكثر من خمسة عشر معرضًا فرديًا، إضافةً إلى كتاباته النقدية في الصحف، ومشاركته في إعداد وتقديم برامج تلفزيونية.
على صعيد الأسلوب، هيمنت الانطباعية التي تناولت مفردة الإنسان وحياته اليومية في بدايات تجربته، ثمّ أخذت منحى تعبيريًا رمزيًا لاحقًا، بينما تنوّعت الموضوعات التي قاربها بين الطبيعة والأشكال الحيوانية والطيور، ولم تغب عن لوحته حياة الفلسطيني ومقاومته للاحتلال عنها، ومدينة القدس وذكرياته طفولته فيها.