أوراق ثقافية

تغييرات في الإعلام المصري: إنّه زمن عصر النفقات

post-img

محمد ياسين/ الأخبار

بعدما انتشرت شائعات كثيرة في المدة الماضية عن انتهاء ما يطلق عليه ورشة «تطوير التلفزيون المصري» التي استمرّت أكثر من خمس سنوات، أعلنت «الهيئة الوطنية للإعلام» في مصر عن عودة القناتين الأولى والفضائية المصرية إلى «ماسبيرو» (مبنى التلفزيون المصري) بعدما كانت «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية» (المملوكة للاستخبارات المصرية) هي المشغّلة للقناتين في إطار «التطوير».

خطة تطوير التلفزيون المصري التي تعتمد تحديدًا على تحديث قطاع الأخبار، بدأت قبل سنوات. حينها، اعتمدت «الشركة المتحدة» على كوادر من خارج التلفزيون المصري لتقديم ثلاثة برامج رئيسية هي: «صباح الخير يا مصر» الذي يتناوب على تقديمه عدد من المذيعين والمذيعات، وبرنامج الرياضة «رقم 10» الذي يقدّمه المذيع كريم رمزي حاليًا، وبرنامج «التاسعة» الذي يقدّمه المذيع يوسف الحسيني حاليًا، وهو البرنامج نفسه الذي قدمه سابقًا الراحل وائل الإبراشي حين بدأت خطة التطوير قبل أن يتوفى جراء الإصابة بفيروس كورونا.

في ذلك الوقت، كان هناك رفض من العاملين في «ماسبيرو» لهذه الخطة التي تهدف في الأساس إلى الاعتماد على العاملين التابعين للـ «المتحدة» وليس التلفزيون، وهو ما جعلهم وقتها يطالبون بأن يكون تطوير البرامج عن طريقهم ومن كوادرهم، وهو ما لم تلتفت إليه «الشركة المتحدة» لتعود الآن وتنفذه. وفي اجتماع ضمّ رئيس «الهيئة الوطنية للإعلام» أحمد المسلماني، ورئيس مجلس إدارة «الشركة المتحدة» رجل الأعمال طارق نور، أُعلن عن عودة قناتي الأولى والفضائية المصرية إلى «ماسبيرو» وإنهاء إدارة «الشركة المتحدة» لهما.

تتشارك القناتان الأولى والفضائية عددًا من البرنامج التي تعرض في التوقيت نفسه. وقد أدى «التطوير» كما يطلق عليه إلى مشكلات عدة في «ماسبيرو»، إذ كان العاملون في هذه البرامج والنشرات الإخبارية يتقاضون رواتب مغايرة تمامًا لما يتقاضاه العاملون في التلفزيون المصري كموظفين وضمن كادره الأساسي. علمًا أنّ هؤلاء كانوا ـــ قبل «التطوير» ــ يتولّون العمل في برامج القناتين الأولى والفضائيات، ونشرات الأخبار. ‏من الملاحظ أنّ عملية عودة القناة الأولى والقناة الفضائية إلى «ماسبيرو» بدلًا من «الشركة المتحدة» تمت بعد التعديلات الأخيرة التي خضعت لها الهياكل الإعلامية الرئيسية في مصر، ومنها «الهيئة الوطنية للإعلام» التي أصبح الإعلامي أحمد المسلماني رئيسها، فيما جاء طارق نور صاحب قنوات «القاهرة والناس» ليكون رئيس مجلس إدارة «الشركة المتحدة». ويعرف في الوسط الإعلامي أن طارق نور جاء لكي يخفض الإنفاق في «الشركة المتحدة»، بعد مخالفات مالية تمّ التحقيق فيها من دون الإعلان عن ذلك. وبالتالي، كانت عملية فصل القناة الأولى والفضائية عن «المتحدة» إحدى خطوات تقليص الإنفاق، بحيث تعتمد القناتان مرة أخرى على أبناء وموظفي التلفزيون المصري كما هي الحال طوال الوقت.

لا يعرف العاملون في برامج التطوير «صباح الخير يا مصر» و«رقم 10» و«التاسعة» حتى الآن مصيرهم، وما إذا كان سيتم توزيعهم على قنوات «الشركة المتحدة» أم سيتم الاستغناء عنهم تمامًا. وقالت مصادر لـنا إنّ النية الكبرى ستكون بالاستغناء عنهم كليًا في إطار خطة خفض الإنفاق التي أتى بها طارق نور لأنّه في حالة عودة هؤلاء الأشخاص إلى «الشركة المتحدة» وتوزيعهم على القنوات، لن تتحقّق مهمّة خفض الإنفاق. كما أنّ العاملين في «الشركة المتحدة» يتقاضون رواتب أكثر من تلك التي يتقاضاها العاملون في «التطوير»، وهو ما سيحدث مشكلة أكبر إذا تم توزيعهم على قنوات المتحدة.

وأطلقت «الهيئة الوطنية للإعلام» أخيرًا «عملية تطوير واسعة، تحت شعار عودة ماسبيرو» وفقًا لبياناتها الصحافية. وكانت البداية مع «بودكاست ماسبيرو» الذي تهدف الهيئة منه إلى إنتاج برامج سياسية واقتصادية وثقافية ورياضية، لتأكيد «دور الدولة على تعزيز المعرفة وحماية الوطن».

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد