اوراق خاصة

ما هي القوانين التي تُنظِّم الانتخابات البلدية في لبنان؟

post-img

حسين كوراني 

بعد تأخير الانتخابات البلدية والاختيارية في لبنان لثلاث سنوات متتالية؛ تنطلق العملية الانتخابية بدءًا من الرابع من أيار المقبل على مراحل أربع، وذلك في 1064 بلدية، منها 125 بلدية كانت منحلّة، و8 بلديات لم تشهد انتخابات، و35 بلدية أصبحت مستحدثة، و640 بلدية كانت مشلولة. أما المخاتير فقد بلغ عددهم 3018 مختارًا. وتعمل دوائر وزارة الداخلية على تأمين الشفافية لها، إذ إن التشدّد في احترام القوانين سيكون الأساس، وستجرى الانتخابات تحت أنظار المجتمع الدولي ورقابة الإعلام العالمي.

ينتخب المواطنون أعضاء المجلس البلدي في لبنان بالتصويت العام المباشر باقتراع القائمة السرية لمدة 6 سنوات. وللبلدية حقوق وواجبات، مثل حق الشراء والكِراء والبيع، وواجب تنظيف وتعبيد الشوارع وتجميلها ورفع الفضلات وتنظيم الأسواق والقيام بتصريف مياه الأمطار وتهيئة مساحات خضراء في التجمّعات السكنيّة، وتنظيم حركة السير. كما تعمل البلدية على بعث المكتبات العمومية للمطالعة، وعلى بعث النوادي التي تعتني بالثقافة والرياضة. 

في ظل كل هذه المهام المنوطة بالبلدية للقيام بها داخل محيطها، ما هي القوانين التي ترعى وتُنظِّم الانتخابات البلدية؟
يجمع الإطار الانتخابي لبلديات لبنان بين المرسوم التشريعي 1977/118 وتعديلاته، وخاصةً القانون 1997/665. إذ شكَّلَ هذا القانون تشريعًا مهمًا أُقِرَّ في نهاية الحرب التي استمرت عامين (1975 - 1977). وتنصّ المادّة 16 من قانون البلديات على أنّ أحكام الانتخابات النيابية تنطبق على الانتخابات البلدية. ومع ذلك، القانون الانتخابي الأحدث، أي القانون الرقم 2017/44، والذي أقرَّ مبدأ التمثيل النسبي، أعفى الانتخابات البلدية من هذا التغيير، مُشيرًا بدلًا من ذلك إلى نظام الأكثرية في القانون الانتخابي 2008/25. أدّى هذا الافتقار إلى قانون محدّد للانتخابات البلدية والإطار غير الكافي لقانون البلديات إلى عدة تناقضات وثغرات، الأمر الذي عطَّلَ العملية الديمقراطية. وتشمل الإشكاليات عدم وجود مواعيد نهائية لسحب الترشيحات وعدم وجود أحكام تُنظِّم الانفاق الإعلامي والحملات الانتخابية. كذلك، الاستمرار في استخدام نظام الأكثرية في الانتخابات البلدية يُثير أيضًا مخاوف تتعلق بالتمثيل ونزاهة العملية الانتخابية.

محاولات إصلاح قانون الانتخابات البلدية

أجرى بعض النواب عدة محاولات لإصلاح لتعديل نظام تصويت الانتخابات البلدية في لبنان بشكل جذري. وكان أهمها في العام 2009، حين اقترحَ وزير الداخلية والبلديات الأسبق زياد بارود مشروع قانون، إذ أقرَّ مجلس الوزراء هذا التشريع وقدّمه إلى البرلمان في آذار/مارس 2010، وهو يهدف إلى اعتماد التمثيل النسبي، والقوائم المغلقة، ونسبة 20% من الكوتا النسائية وقوائم الاقتراع المطبوعة مسبقًا، وأهلية أساتذة الجامعات وبعض الموظفين الحكوميين للترشح للمجالس البلدية. وكانَ من المتوقّع أن تؤدي هذه التغييرات إلى تعزيز الأحزاب السياسية وتحسين العمل البلدي وضمان تمثيل أوسع نطاقًا وأكثر إنصافًا. لكنْ مع تحديد موعد الانتخابات في أيّار/مايو 2010، لم يكن الوقت كافيًا لمناقشة القانون في البرلمان وإقراره. 

هذا؛ وعلى الرغم من دعوات المجتمع المستمرة إلى إجراء إصلاحات انتخابية نوعية، لم يتحقّق أيّ تقدُّم يُذكر. ويشير ذلك إلى الامتناع عن تحسين التشريعات القائمة. وتواجه مناقشات الإصلاح معارضةً من الأحزاب التي تخشى حصول تغييرات في الوضع الراهن وتعطيل الديناميات القائمة على التوريث العائلي والعشائري، والتي تتشابكُ بعمقٍ مع السياسات التقليدية التي يغلب عليها طابع الزبائنية والمحسوبية.

ما أهميّة ذلك؟

يُعَدّ إصلاح قانون الانتخابات البلدية في لبنان أمرًا بالغ الأهمية لأسباب متعدّدة. فمن الضروري إعادة النظر في النظام الانتخابي للاستغناء عن نظام الأكثرية الذي يؤدّي غالبًا إلى تمثيلٍ غير متناسب ويهمّش الأحزاب الصغيرة والأقليات، وذلك في سبيل تحقيق تمثيل أكثر إنصافًا. ومن شأن التدابير التي تضمن التكافؤ بين الجنسين والشمول أن تُعزِّز المشاركة المجتمعية وتمنع الاحتكار القائم على التوريث العائلي والعشائري وتضمن إيصال أصوات شرائح المجتمع كافة في الحوكمة المحلية. ومن شأن تعزيز المجالس البلدية، والتي تُمثّل النموذج الأوّلي للسلطات المحلية، أن يزيد قدرتها على معالجة القضايا المحلية بصورة فعّالة ومستقلة. فضلًا عن ذلك، يمكن للإصلاحات أن تُسهِم في تحفيز الشباب وتثقيفهم بأهمية المشاركة في العملية الديمقراطية، الأمر الذي يشجّع بروز الحلول المبتكرة ويُعطي للمشهد السياسي طابعًا ديناميًا. بشكلٍ عام، تهدف هذه الإصلاحات إلى معالجة المشكلات القديمة في الحوكمة المحلية وتعزيز التمثيل الديمقراطي وضمان تجهيز المجالس البلدية بشكل أفضل لخدمة مجتمعاتها بفعالية

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد