سمحت السلطات الفرنسية لمؤسس منصة «تلغرام»، بافل دوروف، بمغادرة البلاد مؤقتًا على الرغم من خضوعه لتحقيق رسمي حول أنشطة إجرامية محتملة على التطبيق، وفقًا لما نقلته وكالة «فرانس برس».
كان دوروف قد اعتُقل في مطار قرب باريس في آب (أغسطس) الماضي، وخضع لاحقًا لتحقيق رسمي شمل فرض قيود على حركته، بما في ذلك منعه من مغادرة الأراضي الفرنسية. لكن في تطور جديد، منح قاضي التحقيق إذنًا لدوروف بالسفر لأسابيع عدّة. علمًا أنّ الرجل سارع إلى المغادرة متوجهًا إلى دبي، أوّل من أمس السبت، وفقًا لمصادر الوكالة نفسها.
تحقيقات معقدة
يأتي السماح بالمغادرة في سياق تحقيقات جارية يتهم فيها القضاء الفرنسي «تلغرام» في تسهيل أنشطة إجرامية، مثل الاتجار بالمخدرات، وغسيل الأموال، والاحتيال. وسبق للسلطات الفرنسية أن اتهمت دوروف بالتواطؤ في هذه الأنشطة بعد امتناعه عن تقديم معلومات للسلطات حول مستخدمين متورطين في جرائم إلكترونية. كما أُلزم بدفع كفالة قدرها 5.4 ملايين دولار أميركي والامتثال لإجراءات المراقبة القانونية.
بين الأمن وحرية التعبير
تثير هذه القضية جدلًا واسعًا حول التوازن بين حرية التعبير وضرورة فرض القانون على المنصات الرقمية. إذ يُعرف «تلغرام» بأنه مساحة مفتوحة للنقاش، ولكن السلطات الفرنسية تتهمه بكونه مرتعًا للأنشطة المشبوهة، وهو ما دفعها إلى التحرك.
تشير المدعية العامة في باريس لور بيكوو إلى أنّ: «عدم استجابة «تلغرام» لطلبات التعاون المتكرر مع جهات التحقيق» كان أحد الأسباب الرئيسية لفتح التحقيق ضد دوروف، مضيفًا أنّ جهات أوروبية عدّة، مثل السلطات البلجيكية، أبدت مخاوف مماثلة.
أبعاد ديبلوماسية
تسبب اعتقال دوروف في تعميق التوترات بين فرنسا وروسيا، خاصة في ظل التوترات السياسية المتعلقة بالحرب في أوكرانيا. فقد وصفت موسكو الإجراءات الفرنسية بأنها جزء من حملة ضدها، بينما نفت باريس وجود دوافع سياسية وراء التحقيقات، مؤكدة أن القضية تتعلق فقط بتطبيق القانون. وفي تعليق على القضية، أكد الكرملين استعداده لتقديم الدعم لدوروف باعتباره مواطنًا روسيًا، رغم تعقيد الموقف بسبب حمله الجنسية الفرنسية وجواز سفر إماراتي.
مستقبل التحقيقات
على الرغم من السماح له بالمغادرة لا تزال التحقيقات جارية، وقد تستغرق سنوات قبل اتخاذ قرار نهائي بشأن محاكمته أو إسقاط التهم. ومع استمرار الضغط على المنصات الرقمية لضبط المحتوى غير القانوني، تبدو قضية «تلغرام» نموذجًا للاختبار بين حرية التكنولوجيا ومتطلبات الأمن الرقمي.