أوراق إعلامية

حساب "غزة وود" على "إكس" منصة لبث الأكاذيب ضد الفلسطينيين

post-img

يشكّل حساب "غزة وود" على منصة إكس إحدى الأدوات الدعائية العديدة التي لجأت إليها العدو الإسرائيلي لبث سرديته وتسويغ  حربه الإبادية المستمرة على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023. لكن تقريرًا صدر عن منصة فوربيدن ستوريز، خلال الأسبوع الماضي، بيّن كيف أن منصة تقصي الحقائق المزعومة هذه مسؤولة عن نشر الكثير من المعلومات المضللة والأخبار الكاذبة.

يحاكي اسم الحساب "غزة وود" اسم مركز صناعة السينما الأميركية "هوليوود"، على سبيل السخرية من ما يعانيه الفلسطينيون في غزة، عبر الادعاء بأنّ مقاطع الفيديو الواردة من غزة ليست واقعية، بل مقاطع تمثيلية يزيّفها سكان القطاع لاكتساب تعاطف الرأي العام. وهو يعمل على فضح ما يزعم أنه "أكاذيب فلسطينية" في تغطية العدوان.

أحد الأمثلة الحديثة على ذلك، هو تشكيك حساب "غزة وود" في قتل قوات الاحتلال لمراسل قناة الجزيرة حسام شبات في 24 مارس/ آذار الماضي. إذ تساءل القائمون على الحساب عبر منصة إكس بعد يومين: "هل مات حسام شبات حقًا؟ تثير الأدلة شكوكًا جدية، ربما كان موته مُدبرًا لأسباب مجهولة".

شكّك "غزة وود" في موت شبات على الرغم من تبني الاحتلال للجريمة وتبريرها بأنها "استهداف لإرهابي من حركة حماس"، ووصف لجنة حماية الصحافيين تصفية المراسل بأنّها "جريمة قتل". إضافةً إلى انتشار صور ومقاطع فيديو عديدة تظهر الصحافي ميتًا قرب سيارته.

زعم الحساب أن شبات لم يمت، "الأمر برمته مُفبرك. حسام فبرك موته بنفسه". واستند الحساب إلى مزاعم من قبيل عدم وجود أضرار ظاهرة في الأرض من جراء الغارة الإسرائيلية التي أدت لاستشهاده، وأن بقع الدم لا تُطابق أي إصابة حقيقية. وتابع: "نحن لا ندّعي امتلاك الحقائق، بل نطرح الأسئلة الصعبة فقط"، فاتحًا الباب أمام سيلٍ من التكهنات ونظريات المؤامرة.

كيف ظهرت تسمية "غزة وود"؟

لفت "فوربيدن ستوريز" إلى أنّ الزعم بأنّ الفلسطينيين يزيفون مأساتهم أمام الإعلام، وهو ما يحاكيه اسم الحساب "غزة وود"، يعود إلى الانتفاضة الفلسطينية الثانية في العام 2000. آنذاك، هزّت اللقطات التي بثتها قناة فرانس 2 لقتل قوات الاحتلال الفتى الفلسطيني محمد الدرة بين أحضان والده العالم، لكنّ المؤرخ الأميركي ريتشارد لانديس كان مقتنعًا بأن مراسل القناة هو من زيّف المشهد بأكمله، وزعم أننا أمام "هوليوود فلسطينية"، أو ما أسما "باليوود" (Pallywood)، في مزيج يجمع كلمتي فلسطين وهوليوود.

كان هدف لانديس من هذه العبارة، "الزعم بأن كل ما يأتي من الفلسطينيين هو كذب"، بحسب الباحث في موقع فيك ريبورتر الإسرائيلي، غسان مطر.

في الوقت الحالي يملك حساب "غزة وود" أكثر من 70 ألف متابع على "إكس"، ويصل العديد من منشوراته إلى أكثر من مليون مستخدم على المنصة. يتبنى القائمون على الحساب الرواية الإسرائيلية بالمطلق. وفقًا لمطر، يهدف الحساب إلى "تصوير كل ما يصدر عن غزة على أنه كذب".

من يقف خلف الحساب؟

من خلال تحقيقات رقمية ومقابلات مع أناس مختلفين تمكن "فوربيدن ستوريز" والمنصات الشريكة له من تحديد هوية صاحب الحساب: إيدان كنوخين، وهو يهودي أرثوذكسي من القدس، عرف بتأليف روايات خيالية للقراء الشباب في السابق.

أكّد كنوخين هذه المعلومة، لكنه رفض إجراء مقابلة وأحال صحافيي المنصة إلى شخص آخر مشارك في مشروع "غزة وود"، هو ريتشارد لانديس، المؤرخ الأميركي نفسه الذي أطلق مصطلح "باليوود". أكد لانديس الأمر، ولفت إلى أنّ القائمين على الحساب تواصلوا معه، شارحًا أن الهدف كان "تنظيم مشروع يفضح قضية التمثيل بالكامل".

أوضح المؤرخ أن العميد الإسرائيلي السابق والمدير العام السابق لوزارة الشؤون الاستراتيجية يوسي كوبرفاسر شارك أيضًا في مشروع "غزة وود". لكن الأخير زعم أنه غير مشارك بشكل مباشر، وزعم أن دوره اقتصر على ربط لانديس بأشخاص مختلفين، رفض الإفصاح عن أسمائهم، "لعرض الفكرة عليهم".

مصنع للأكاذيب

على الرغم من بقاء هؤلاء الأشخاص مجهولي الهوية، إلا أن نفوذ "غزة وود" لا يُنكر، وفقًا لـ"فوربيدن ستوريز": إضافة إلى حساب "إكس"، يُدير "غزة وود" موقعًا إلكترونيًا وقناة عامة على منصة تليغرام. كما يعتمد على شبكة من المؤثرين يملك بعضهم أعدادًا كبيرةً من المتابعين، لإعادة نشر محتواها وإيصاله لأكبر عددٍ ممكن من المتابعين.

كان لذلك تأثير في ارتفاع استخدام كلمتي "باليوود" و"غزة وود" على "إكس"، إذ ارتفعت نسبة استخدام الأولى، باللغتين الإنكليزية والعبرية بنسبة 5838%، وشهدت الثانية زيادة أكبر وصلت إلى 29913%، في الفترة ما بين 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 و15 يوليو/ تموز 2024.

على الرغم من ادعائها أن مهمتها كشف "التمثيل والكذب الفلسطيني"، إلا أن منصة "غزة وود" مصنعٌ للأكاذيب، بحسب ما بيّنته عملية تحليل منشوراتها.

بحسب مطر، كشفت مراجعة 731 منشورًا على حساب "غزة وود"، بين 25 ديسمبر/ كانون الأول 2023 و25 أغسطس/ آب 2024، أن عدد المنشورات الحقيقية بينها لا يتجاوز 42 منشورًا، أي أن نسبة المنشورات الموثوق بها من الحساب لم تتجاوز 5.75%. أما باقي المحتوى، فيعتمد على "البحث عن أكثر المعلومات سخافة داخل الفيديو للادعاء بأنه مزيف، وهذه ليست آلية تدقيق الحقائق"، بحسب مطر.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد