جريدة الأخبار
يتمتع المختار بمكانة معترف بها في الواقع المُعاش، فهو من الشخصيات الأساسية والمحورية التي تشكل الركيزة وصلة الوصل بينه وبين مجتمعه، إذ إن عمله لا يقتصر على توثيق المعاملات أو المهمات التي أولاه إياها القانون، بل يصبح مسؤولاً عن تسهيل الشؤون اليومية من حل النزاعات المحلية والمساهمة في التنمية المجتمعية. إذ إنه يجمع بين الدور الإداري والقانوني والخدماتي.
سنسلط الضوء في ما يأتي على الآلية التي يُنتخب فيها المختار، إضافة إلى المهمات التي خصّه بها القانون ولو بشكل مسهب.
آلية الانتخاب:
يفرض القانون انتخاب مختار لكل مكان مأهول يزيد عدد سكانه المقيمين على خمسين شخصاً، يعاونه مجلس اختيارية. أما القرية التي لا يبلغ عدد سكانها مثل هذا العدد، فيقوم بإدارتها مختار ومجلس أقرب قرية إليها. وإذا تراوح العدد بين 1001 و3000 شخص فيقوم بالإدارة مختار وستة أعضاء.
وإذا زاد عدد سكانها المقيمين عن الـ 3000 شخص تنزل منزلة المدن، وتقسم إلى أحياء ويعد الحي بمنزلة قرية وتطبق في شأنه أحكام ما سبق.
لا يجوز للشخص الواحد أن يكون مختاراً أو عضواً اختيارياً لأكثر من محلة واحدة وكذلك لا يجوز أن يكون الأب والابن والحمو وزوج الابنة والأخوة والمصاهرون على اختلافهم مختارين أو أعضاء مجلس اختيارية في محلة واحدة، فإذا انتخب اثنان من الأقارب والأنسباء المار ذكرهم ولم يستقل أحدهما فعلى المحافظ أو القائمقام أن يقيل أحدثهما سناً وإذا تعادلا في السن فيُقال أحدهما بالقرعة.
كما لا يمكن الجمع بين وظيفة مختار ووظيفة عضو مجلس بلدي أو عضو مجلس إدارة أو أي وظيفة عامة وإذا اتفق أن اجتمعت الوظيفتان لأحد فيمنح المنتخب مهلة سبعة أيام ليختار إحداهما وإذا انقضت هذه المهلة ولم يفعل فيُعد متخلياً حكماً عن الوظيفة الأقدم تاريخاً.
تبلغ مدة ولاية المختارين وأعضاء المجالس الاختيارية ست سنوات تبتدئ من تاريخ الانتخاب. إذا شغر مركز المختار أو كفت يده، في أي وقت كان، يعيّن وزير الداخلية أكبر أعضاء المجلس الاختياري سناً مختاراً بديلاً منه لإتمام مدة الولاية.
في اختصاص المختار:
على المختار أن يسجل جميع المعاملات الواردة إليه والصادرة عنه في سجل يختم صفحاته ويوقعها المحافظ أو القائمقام وعليه أن يُسجل في مركز القضاء إمضاؤه والخاتم الخاص الذي يصنع وفقاً لنموذج موحد تضعه وزارة الداخلية، وإذا فقد هذا الخاتم عليه أن يستحصل على غيره من وزارة الداخلية.
وظائف المختارين مجانية وإنما يجوز لهم أن يستوفوا رسوماً تحدد قيمتها بمرسوم عن الشهادات الأصلية التي يعطونها:
- معاملة سفر.
- من أجل إجراء معاملات حصر الإرث.
- من أجل إجراء عقد رهن أو عقد بيع.
- من أجل التصديق القانوني على الإمضاء.
- من أجل إعطاء شهادة تختص بإثبات حجز الأملاك.
- من أجل تسجيل قائمة جرد التركة.
- لتثبيت حصر الأملاك.
- بوقوعات النفوس.
- للأفراد ضمن الأنظمة المرعية.
تتنوع المهمات الملقاة على عاتق المختار، وسنوردها على الشكل الآتي:
أولاً: المهمات الإدارية
يؤدي المختار عدداً من الوظائف الإدارية التي تسهّل شؤون المواطنين، ومنها:
- إصدار الوثائق الرسمية: من تسجيل الولادات الجديدة وإصدار شهادات الميلاد وتسجيل الوفيات وتنظيم وثائق الوفاة. وإصدار إخراجات القيد الفردية والعائلية وتسجيل الزواج والطلاق في السجلات الرسمية.
- التصديق على المستندات والتواقيع: التواقيع على المعاملات الرسمية وتوثيق بعض المستندات التي لا تتطلب تدخل الكاتب بالعدل كحجج البيع والشراء .
- إدارة السجلات المدنية: الاحتفاظ بسجلات دقيقة عن الولادات والوفيات والزواج والطلاق وتقديم تقارير دورية للجهات المختصة حول التغييرات السكانية.
ثانياً: المهمات الاجتماعية والخدماتية
من أبرز أدواره الاجتماعية والخدمية:
- حل النزاعات المحلية عبر التدخل لحل الخلافات العائلية أو بين الجيران والمساعدة في تسوية النزاعات العقارية أو التجارية بطرق ودية.
- التعاون مع البلديات والوزارات لتحسين الخدمات العامة مثل المياه والكهرباء والصرف الصحي، ورفع شكاوى الأهالي إلى الجهات المختصة والمطالبة بتحسين البنى التحتية.
-تقديم المساعدات الاجتماعية: رفع طلبات المساعدات الاجتماعية للعائلات المحتاجة والتنسيق مع الجمعيات الخيرية والمؤسسات الإنسانية لمساعدة الفقراء والمسنين.
ثالثاً: المهمات القانونية والقضائية
يتمتع المختار بصلاحيات قانونية تساعد في توثيق بعض العقود وتقديم الإفادات الرسمية، ومنها:
- توثيق العقود والإفادات الرسمية: إفادات السكن وبعض المعاملات التي لا تتطلب كاتباً بالعدل.
- التعاون مع السلطات القضائية والأمنية: تقديم المعلومات اللازمة للأجهزة الأمنية عند الحاجة وتأكيد هوية الأشخاص أو مكان إقامتهم في حال طلبت السلطات ذلك.
رابعاً: التواصل مع الدولة والسلطات المحلية
من أبرز مهماته في هذا المجال:
- تمثيل المواطنين أمام الإدارات الرسمية مثل تسهيل حصول المواطنين على الأوراق الثبوتية والخدمات الإدارية ومتابعة ملفات المواطنين في الدوائر الرسمية عند الحاجة.
- التعاون مع القوى الأمنية: إبلاغ الجهات الأمنية بأي تهديدات أو مشكلات أمنية في البلدة. ومساعدة الأجهزة الأمنية في تطبيق القوانين وحفظ النظام العام.
- المشاركة في تنفيذ المشاريع التنموية: دعم المشاريع التي تهدف إلى تحسين أوضاع المنطقة.
وتشجيع الاستثمارات التي تسهم في تطوير البلدة وتوفير فرص عمل للأهالي.
خامساً: الشؤون المالية:
يجب على المختار:
- مساعدة الجباة ومعاونتهم في استيفاء الضرائب ومعاونة لجان الضرائب التي تشتغل ضمن منطقته.
- إخبار الدائرة المختصة عن كل أرض تصبح ملكاً للدولة إثر وفاة مالكها من دون وريث.
كما إن على المختار الالتزام بواجبات قانونية وأخلاقية وتشمل:
- الالتزام بالقوانين والأنظمة من المهمات الموكلة إليه وعدم استغلال منصبه لمصالح شخصية.
- عليه أن يتعامل بشفافية وعدالة مع جميع المواطنين وتجنب الانحياز السياسي أو الطائفي.
- الحفاظ على السرية المهنية بعدم كشف المعلومات الشخصية للمواطنين إلا للجهات المختصة والتعامل مع المعاملات الرسمية بسرية تامة لضمان حقوق الأفراد.
يتبين لنا أن المختار شخصية تلعب دوراً حيوياً ومحورياً في حماية حقوق الأفراد وتسيير شؤونهم. وذلك يتطلب نزاهة وأمانة وعلاقة جيدة مع محيطه والأهالي، ما يجعله عنصراً فاعلاً على الصعيد المحلي.