اوراق مختارة

تراجع الاتحاد العمالي عن الإضراب وقطع الطرقات: عمال لبنان بلا نصير

post-img

فؤاد بزي (جريدة الأخبار) 

على وعود، علّق الاتحاد العمالي العام ونقابات قطاع النقل البري التحرّكات المطلبية التي كانت مقرّرة يوم الخميس الماضي.

وقد أتى ذلك، إثر اجتماع حضره «مجلس وزاري مصغّر» في منزل رئيس الحكومة نواف سلام.

ظنّ ممثلو العمل أنهم محور الاهتمام إلى هذا الحدّ. عملياً، كانت «الطبخة» واضحة ومكشوفة للجميع، فالاتحاد العمالي العام ونقابات النقل لا يتحركون إلا بأمر عمليات سياسي لم يصدر، لذا كان سهلاً على سلام إيجاد «التخريجة» وجمعهم في منزله إلى جانب أربعة وزراء حيث تلقوا وعوداً، أدّت بلا أي نقاش إلى الإضراب عن الإضراب!

ثلاثة وعود قدّمت للاتحاد العمالي العام من أجل وقف إضرابه وتحرّكاته في الاعتصام والتظاهر وقطع الطرقات:

- إعادة دراسة أرقام الحدّ الأدنى للأجور الذي فرضه أصحاب العمل في لجنة المؤشر بالتعاون والتنسيق مع وزير العمل محمد حيدر وتقضي بزيادته إلى 28 مليون ليرة على ألا يتضمن أي تصحيح لغلاء المعيشة وسائر شطور الأجر.

- إعادة نظر برسوم مضت عشرات السنوات على نقاشات عقيمة تدور حولها كالرسم على الأملاك البحرية، والذي سيستخدم بحسب وعد وزير الأشغال فايز رسامني للنقابات العمالية في تمويل الزيادات على تقديمات العاملين في القطاع العام، بدلاً من الرسوم على المحروقات.
- استعداد الحكومة لدفع بدل إنتاجية للمتقاعدين من الموظفين في الإدارة العامة.

تألف «المجلس الوزاري المصغر» الذي تولّى إشباع بطون ممثلي العمال بالوعود، من رئيس الحكومة نواف سلام، ووزير المال ياسين جابر، ووزير الأشغال العامة والنقل فايز رسامني، ووزير الداخلية أحمد الحجار، ووزير العمل محمد حيدر.

ومقابل هذه الوعود، سحب الاتحاد العمالي العام، بكامل فروعه للنقل التي يشرف عليها بسام طليس، كل التحرّكات التي كان يحضّر لها، من اعتصامات وتظاهرات وقطع للطرقات وإحراق للدواليب... ورغم تأكيد الاتحاد العمالي العام وعدد من الحاضرين في «جلسة المجلس الوزاري المصغر» أنهم لم يتعرّضوا لأي ضغط سياسي، إلا أن أوساطاً عمالية، تحدّثت عن اتصالات ولقاءات عقدت بين قيادة الاتحاد العمالي العام وعدد من المسؤولين مثل رئيس مجلس النواب نبيه برّي ورئيس الجمهورية جوزف عون، وآخرين، أفضت إلى أن الوقت ليس مناسباً لأي تحرّك.

وهذا الأمر سبق اللقاء مع رئيس الحكومة، ولم يكن هذا الأخير إلا لإظهار «المخرج الفنّي» الذي تطلبه الشاشة والخطابات.

ولم يكن المشهد بهذه الموضوعية في اللقاء مع سلام، إذ إن الأخير تذرّع بالاعتداءات الإسرائيلية للقول إن الوقت ليس مناسباً لتحرّك العمال.

ورغم أن سلام هو رئيس الحكومة المسؤول عن إدارة شؤون البلاد، تمنّى عليهم ألا يسهموا في «خربطة» موسم الصيف «الواعد» لأن التحرّكات قد تستجر طابوراً خامساً يكسّر الموسم ويزعزع الاستقرارا! بالنسبة إلى سلام وإلى سائر أبناء السلطة، الاستقرار الوظيفي يمكن التضحية به أمام الاستقرار الأمني، وكأن الاعتداءات الإسرائيلية سيتم قمعها فوراً!

في المحصلة، رضخ الاتحاد العمالي العام وسقطت الحقوق العمالية. بحسب رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر «علّقنا التحرّكات، ولم نلغها، فالتجربة مع المسؤولين سيئة في المفاوضات، ولكن لا بديل من الحوار».

لذا، يتأمّل الاتحاد بتغيير ملموس جرّاء وعود رئيس الحكومة نواف سلام بـ«تأمين مداخيل إضافية للحكومة عبر إعادة النظر في الرسوم، وتشديد إجراءات الجمارك على جميع المنافذ لزيادة المداخيل».

رغم ذلك، لن تتراجع الحكومة عن زيادة رسومها على المحروقات، بل عملت على صرف وعد جديد للنقابات حولها، إذ «ستضع آلية بالتنسيق مع وزارة الأشغال العامة والنقل لإعفاء السائقين العموميين من الزيادة على البنزين».

في الواقع، هذه كلّها وعود لن تغيّر من واقع العمال المزري أبداً. ولكنّها ستترافق مع انتظار الاتحاد العمالي العام لنتيجة دعوى أمام مجلس شورى الدولة، وتهدف إلى «إنفاذ إعطاء العمال بدل غلاء معيشة في المرسوم 13164، الصادر عام 2024».

وبحسب الأسمر، «في حال حكم مجلس الشورى بخطأ شطب حكومة ميقاتي لبدل غلاء المعيشة، سيحصل العمال على زيادة إجمالية قدرها 19 مليون ليرة. 9 ملايين ليرة غلاء معيشة، و10 ملايين ليرة الزيادة على الحدّ الأدنى للأجور». وستشمل هذه الزيادة كل العاملين في ظلّ قانون العمل، وعددهم 450 ألف عامل.

وفي هذا السياق، أشار عضو الاتحاد العمالي العام بطرس سعادة إلى «التحضير لطعن جديد في مرسوم الحدّ الأدنى للأجور الذي تحضّر وزارة العمل لإصداره».

فالمطلوب، وفقاً لسعادة، الوصول إلى حدّ أدنى قيمته 50 مليون ليرة شهرياً، لا 28 مليوناً كما هو موجود في مشروع المرسوم الذي يدرس في مجلس شورى الدولة.

وهنا توقع سعادة عدم صدور مرسوم الحدّ الأدنى للأجور المثير للجدل، بل العودة إلى الاجتماعات في لجنة المؤشر للوصول إلى اتفاق جديد، وفيه يدرج بدل غلاء معيشة إلى جانب الحدّ الأدنى للأجور.

لذا، «التحرّك العمالي أُجّل ولم يلغَ»، يقول سعادة، ويحدّد المهلة المعطاة للحكومة لإعادة دراسة أرقامها، وإنصاف العمال بـ10 أيام.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد