أوراق ثقافية

إيلان بابيه: اقتربت نهاية الصهيونية

post-img

بول مخلوف/ جريدة الأخبار

بالنسبة إلى المؤرخ اليهودي المناهض للصهيونية إيلان بابيه، فإن إسرائيل قد دخلت «طورها الأخير». قد يبدو هذا الكلام عند العاقل فينا ضربًا من الجنون، وقد يعتبر قائله أشبه بالمنجّم؛ لكن إيلان بابيه يفكر بعقلانية باردة ولا يشيح نظره عن الصيرورة التاريخية مهما بلغ حجم الجرائم وتوسّعت رقعة الإبادة.

بابيه الذي يرصد ديناميكية الكيان الصهيوني ويتتبع التجليات الصهيونية في تحقيب تاريخي صارم، وصل إلى خلاصةٍ تفيد بأنّ مستوى التوحّش الذي وصل إليه الاحتلال ينذر بأنه في المرحلة الأخيرة قبل السقوط.

بذرة الدمار لإسرائيل

عاد بابيه إلى الواجهة من جديد. على منصة إكس، تشاع فيديوهات للمؤرخ الرصين التابع لمدرسة «المؤرخين الجدد» الذي تجرّد من «هويته» الإسرائيلية وكرّس حياته لتفكيك السردية الصهيونية ومحاربة إسرائيل. فيديوات يتحدث فيها عن نظريته «التاريخية» التي تقرّ بأن المستقبل ليس لمصلحة إسرائيل.

بابيه الذي كتب قبل نحو عقدين مقالة ذكر فيها أنّ إسرائيل في «الزمن القادم» ستكون أكثر تشددًا وانغلاقًا وعنفًا، يرى الآن أنّ التشدد والعنف والانغلاق الإسرائيلي وقد بلغ أنضج مستوى سيكون بحد ذاته بذرة الدمار لإسرائيل.

يقول بابيه: «نشهد مرحلة الصهيونية الجديدة. التقاليد الصهيونية غدت أكثر تطرفًا، والعنف الإسرائيلي تخطى المستوى الذي كان عليه. يحاول الإسرائيليون اليوم تحقيق مبتغاهم في وقتٍ قصير من الزمن».

هو يرى أنّ «الصهيونية الجديدة» في سباق مع الوقت. إنّ القيادة الصهيونية الجديدة تكمل ما بدأه أسلافها عام 1948، أي قتل الفلسطينيين والاستيلاء على أرض فلسطين وهي تريد إنهاء المهمة بسرعة، وهذا يتطلب النزوع نحو التوحّش اللامعقول الذي تمارسه.

لكن «تاريخيًا، ما من حضارة استعمارية إلا وقد سبَقت سقوطها تلك المرحلة التي بدت فيها طموحة جدًا ولم تبد أي رحمة، هذه هي حال إسرائيل اليوم».

انفضاض أميركا عن وكيلها

يبيّن بابيه مجموعة من العوامل الذاتية والموضوعية التي تدعم حجته بأن إسرائيل تقترب من أفولها، بدءًا من العواقب الدولية التي أقرتها المحكمة الدولية بسبب جرائم الحرب، أي الإبادة، التي ارتكبتها إسرائيل في غزة، مرورًا بحالة التصدع داخل «المجتمع» الإسرائيلي وصولًا إلى علاقة إسرائيل بحليفتها أميركا.

يتوقع بابيه أن يكون عهد ترامب سلبيًا على الاقتصاد الأميركي، ما سيجعل أميركا تُحجِم رويدًا رويدًا، عن التدخل في منطقة الشرق الأوسط. «البنية السياسية التي أنتجتها الحرب العالمية الأولى تنهار أمام أعيننا بما في ذلك الحرب المعقّدة بين إسرائيل وفلسطين» يؤكد بابيه. وبابيه يشدد على كون إسرائيل بفطرتها مناهضة للإنسان. إنها مشروع يجرّد الإنسان من إنسانيته.

«يرى الإسرائيليون اليوم الأطفال الفلسطينيين القتلى ويقولون: جيّد، هذا جيد». الصهيونية عقيدة سامّة، وفكرة وجود إسرائيل لهي «حقيقة صعبة» كما يصفها المؤرخ. غير أنّ انهيار إسرائيل وفقًا لطرحه ليس حتميًا فقط، إنما بات وشيكًا.

إنّ انفكاك الفلسطينيين عن الاستعمار ونهاية إسرائيل معناه «دولة فلسطينية واحدة، يعيش تحتها اليهود والعرب متساويين» على حد تعبير بابيه.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد