آمال خليل (الأخبار)
وصل إلى بيروت ياسر عباس، نجل رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، في زيارة هدفها المعلن "تقصّي مصير ممتلكات عائدة لمنظمة التحرير الفلسطينية في بيروت ومناطق أخرى، يشتبه بأنها سُجّلت بأسماء أشخاص ونافذين". ومن أجل ذلك، رافقه وائل اللافي، مسؤول التحقيق في لجنة المؤسسات في المنظمة.
لكنّ مصادر متابعة تشير إلى أن الزيارة تمثّل الجولة الثانية لعباس الابن للبحث في ملف سحب السلاح الفلسطيني في لبنان، علمًا أن الخطة التي أُعلن عنها خلال زيارة عباس الأب إلى بيروت لم تُنجز ميدانيًا كما كان مقرّرًا منتصف حزيران الماضي. والمستجدّ الآن، أنّ الحكومة اللبنانية التي اتّخذت قرارًا بنزع سلاح المقاومة، صار لزامًا عليها نزع سلاح المخيمات.
ولا تخرج زيارة عباس الابن عن سياق محاولات التوتير التي تقودها السعودية لزيادة الضغط على لبنان في مواجهة فريق المقاومة. ومن ضمن هذه المحاولات، يُعاد فتح ملف السلاح الفلسطيني الذي يعود مجدّدًا إلى واجهة المشهد السياسي والأمني، حيث يسعى البعض إلى تحويل المخيمات إلى ورقة ضغط على حزب الله.
وعلمت "الأخبار" أن الجانب السعودي يعمل على صياغة خطة من شقّين: الأول يبدأ بنزع السلاح من المخيمات الواقعة جنوب نهر الليطاني، ولا سيما في الرشيدية وبرج الشمالي، مع تنفيذ خطوة رمزية في مخيم مار الياس في بيروت. أما الشق الآخر من الضغط السعودي فيتعلق بحركة "حماس"، إذ تحاول الرياض دفع الحكومة اللبنانية لاتّخاذ قرار بحظر أنشطة الحركة في لبنان، وإغلاق مكاتبها، وإبعاد مسؤوليها عن بيروت.
وسبق وصول عباس الابن، عودة ما يُعرف بـ"لجنة الموفنبيك" الأمنية - السياسية التابعة لسلطة رام الله، برئاسة اللواء العبد إبراهيم خليل، بهدف معالجة الخلافات داخل حركة فتح. غير أن مصادر أمنية أعربت عن خشيتها من أن تكون هذه الخطوة جزءًا من سلسلة تحركات تهدف إلى إعادة تحريك الأوراق الأمنية على الساحة اللبنانية، ولا سيما في ظل شعور جهات خارجية بأن ملف سلاح حزب الله لا يسير وفق ما تشتهي هذه الجهات التي باتت تخدم المشروع "الإسرائيلي" بشكل علني.
يُشار إلى أن مسؤولين معنيين عقدوا لقاءات مع قيادات فلسطينية في لبنان، وسمعوا منها أن المخيمات تعاني فوضى سلاح ناتجة أساسًا عن السلاح المنتشر بكثافة لدى حركة "فتح" وأجهزة السلطة. وأوضح هؤلاء أن أبناء المخيمات يدركون جيدًا أن قوى المقاومة الفلسطينية لا تمتلك كتائب مسلّحة، وأن تعاونها مع المقاومة الإسلامية في لبنان لم يظهر إلى العلن في أي وقت.
وعلمت "الأخبار" أن ياسر عباس سيعقد لقاءات بعيدة عن الإعلام مع رئيس الحكومة نواف سلام ومسؤولين آخرين، لعرض رؤية والده بشأن الآلية الجديدة لسحب سلاح المخيمات، بدءًا من جنوب الليطاني وتحديدًا من الرشيدية والبص والبرج الشمالي. وقد تزامنت عودته مع وصول السفير الفلسطيني الجديد في لبنان، محمد الأسعد، المحسوب أيضًا على عباس الابن، والذي فضّل تأجيل تقديم أوراق اعتماده إلى رئيس الجمهورية جوزف عون، في انتظار ما سيطرحه ياسر عباس من إطار لأداء فلسطيني جديد في التعامل مع الدولة اللبنانية.
وكان اللواء خليل قد باشر مهامه كرئيس للجنة التحقيق في قوات الأمن الوطني الفلسطيني، بهدف تقييم نتائج التشكيلات الأخيرة في فروع القوات بالمناطق. إلا أن مهمته الأبرز تبقى التنسيق مع قادة القوات وحركة فتح لتهيئة الأرضية اللازمة لتنفيذ خطة سحب السلاح.
وبحسب مصادر "الأخبار"، التقى خليل أمس السفير الأسعد، للبحث في آلية انتخاب قيادة جديدة لـ"ساحة لبنان" داخل حركة فتح، على أن تكون منسجمة مع خط سلطة أبو مازن. وعمليًا، نجح محمود عباس خلال السنوات الأخيرة في بناء شبكة نفوذ واسعة داخل أوساط فلسطينيّي لبنان، مستندة إلى رجال أعمال وأصحاب مصالح، تتماهى خياراتهم مع سياساته في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية والمقاومة.
في المقابل، تزداد حالة الاستياء بين قادة فتح في لبنان الذين يُغيّبون عن مخطّطات أبو مازن وفريقه. وعلمت "الأخبار" أن "قيادة ساحة لبنان" لم تكن على علم مسبق بزيارة ياسر عباس أو بأجندتها.