راجانا حمية (جريدة الأخبار)
لم تنتهِ أزمة الإيجارات غير السكنية، رغم صدور القانون الرقم 11، في حزيران الماضي، ومن ثم تعديله بالقانون الرقم 24.
فالفئات والقطاعات التي وجدت أنه لم ينصفها، بدأت في الآونة الأخيرة حراكاً في اتجاه القضاء، والمجلس النيابي لإدخال تعديلات جديدة، تُلبي مطالبها.
ومن بين هؤلاء نقابة الصيادلة، التي تقدّمت أول من أمس باقتراح إلى لجنة الإدارة والعدل النيابية، لتعديل بعض أحكام القانون الرقم 24، الذي عدّل القانون الأساسي، لا سيّما ما يتعلّق بضمّ الصيادلة إلى مجموعة المهن الحرّة، ليستفيدوا من مدّة سماح تمتدّ لثماني سنوات قبل تسليم المأجور من جهة، وما يتعلّق باستثناء المستأجرين القدامى منهم من قانون المسافات والمساحة من جهة أخرى.
فالتعديل نصّ على مراعاة وضع «المستأجر صاحب المؤسسة التي يخضع إنشاؤها لمواصفات فنّية منصوص عليها قانوناً، من مسافة إلزامية بين مؤسسة وأخرى، و/أو مساحة دنيا للمأجور، والمنتقل إلى مأجور آخر بموجب نفاذ هذا القانون، (بـ) أن يستفيد ولمرة واحدة فقط من تقليص المسافة و/أو المساحة إلى النصف».
وإن كانت مدّة السماح التي أُعطيت للمستأجرين القدامى من الصيادلة قد نالت مباركة العاملين في القطاع، إلّا أنّ استثناء هذه الفئة دون غيرها من قانون المسافات والمساحة قد «أقام الدنيا ولم يقعدها» داخل النقابة.
فالنص القانوني الجديد ميَّز بين المستأجرين القدامى وبقية الصيادلة، بحيث سمح للفئة الأولى أن تستفيد من «حسومات» على المسافة التي تقلّصت من 300 متر، بين صيدلية وأخرى إلى 150 متراً، ومن المساحة التي أصبحت 16 بدلاً من 32 متراً مربّعاً، فيما بقي الجميع، بمن فيهم الصيادلة الذين دمّرت مؤسساتهم خلال العدوان الإسرائيلي، خاضعين لمعيار الـ 300 متر والـ 32 متراً مربعاً. ويشار، في هذا السياق، إلى أنّ عرّاب المشروع آنذاك، كان النائب سليم عون، الذي عمل جاهداً على التعديل، غير أنّ المفارقة أنه في لحظة التصويت «صوّت ضدّ المشروع»، بحسب عدد من الصيادلة المتابعين.
تمييز بين الصيادلة
بقية الصيادلة اعتبروا أنّ هذه الخطوة تضرب العدالة والمساواة ضمن القطاع، ولو كان التطبيق مشروط بمرة واحدة. وينطلق هؤلاء في حملتهم من كون المعنيّين بهذا التعديل «هم أقلّية، إذ يقارب عدد الصيدليات المستأجرة الـ 120 مؤسسة فقط، من أصل أكثر من 3000 صيدلة»، معتبرين أنّ «هذا ليس إنصافاً، إذ ما أخذ بالاعتبار أنّ هذه الطبقة استفادت وعاشت عمراً ذهبياً، خصوصاً أنهم كانوا يدفعون إيجارات رمزية، ولا يمكن مقارنة أحوالهم مع من استأجروا ويستأجرون مؤسسات بأسعار خيالية».
وينبّه المتابعون إلى أنّ هذا القانون سينتج خللاً في توزيع الصيدليات، إذ إنه يُمكّن هذه الفئة من إقامة صيدلياتهم في غير أماكنها الأساسية، وفي مساحات صغيرة يمكن إيجادها بسهولة وأقلّ كلفة.
وهو ما سيخلق مشكلة، إذ «يُمكن أن تفتح صيدلية بالقرب من صيدلية أخرى وفق المسافة الجديدة، ما سيؤثّر بمدخول الصيدلية الأساسية».
أضف إلى ذلك - وهو الأهم بالنسبة إلى هؤلاء، أنّ هذا القانون يُعزّز الفوضى في قطاع مُتخَمٍ أصلاً بالصيدليات، إذ يشير البعض إلى وجود صيدليات «يفوق ما هو مطلوب بستّ مرات!».
وهناك، أيضاً، فئة متضرّرة خسرت مؤسساتها في الحرب الأخيرة، ولم يأخذها القانون الجديد في الاعتبار، علماً أنّ أعداد هؤلاء تفوق أعداد المستأجرين القدامى.
كل ذلك قسّم مجتمع الصيادلة إلى «صيادلة بسمنة وآخرون بزيت». ولذلك، تقدّمت نقابة الصيادلة باقتراح قانون لتعديل التعديل عبر إعادة الاعتبار لقانون المسافات والمساحة، فرض «شروط واحدة» على الجميع. فالصيادلة لا يقبلون بأقلّ من ذلك.
لكنّ سردية يجري تداولها حالياً تشي بأنه «إذا لم يُلغَ هذا البند، فإنه من الممكن العمل على حصرِه في الأماكن نفسها التي كانت توجد فيها المؤسسات المستأجرة، من دون فتحها على المناطق الأخرى»، وهو ما يعتبره البعض التفافاً «على حقوقنا كصيادلة، غير مشمولين بالقانون».