فاتن الحاج (صحيفة الأخبار)
ينهي اليوم طلاب الثانوية العامة بفروعها الأربعة تقييمهم التشخيصي لليوم الرابع وسط بلبلة واستياء رافقا الأيام الثلاثة السابقة، بعدما أُجبر جميع الطلاب على المشاركة في التقييم، في حين أن اختبارات مماثلة تختار عادة عينات ممثِّلة. جاء ذلك وسط غياب المعايير في نمط طرح الأسئلة للصفوف المستهدفة، أي التاسع والعاشر والثانوي الثالث، وتضمينها دروساً محذوفة، ما أدى إلى شعور الطلاب بعدم جدوى الامتحان والإرهاق النفسي، لا سيما في مواد الفلسفة والتاريخ والجغرافيا، إلى جانب الارتباكات التقنية واللوجستية. وسادت الثانويات فوضى نتيجة عدم رغبة الطلاب في إجراء التقييم، ما وضعهم في مواجهات مع المديرين والنظار.
وحتى الآن، يخيّم صمت مطبق في وزارة التربية والمركز التربوي للبحوث والإنماء، إذ لم يصدر أي موقف رسمي حيال موجة الاعتراضات التي طالت التقييم، والتي وُصفت بـ«الوقت الضائع»، لاستحالة قياس المعارف والكفايات، وحجم الفقدان التعليمي المتعمق بفعل الأزمات المتتالية. وبذلك، كثرت التساؤلات حول ظروف هذا الاختبار وآلية التحضير له: من وضع المسابقات ومن أين أتى بها؟
ولماذا لم ينظم الاستحقاق في بداية العام الدراسي؟ ولماذا جرى استبعاد مكونات أساسية مثل معلمي الصفوف، روابط الأساتذة، ولجان الامتحانات الرسمية؟
ووفق المعلومات المتوافرة، تولى فريق مكتب وزيرة التربية ريما كرامي قيادة الملف والتفرد الكامل بقرار الاستحقاق. وبعد أن كُلف المركز التربوي بإعداد الأسئلة، فوجئ بتحييده عن المهمة قبل إنجازها، وأسقطت عليه نماذج مسابقات جاهزة في جميع المواد، طُلب منه الانتقاء منها فقط. ورغم اعتراض المركز على عدد من هذه المسابقات لعدم مواءمتها للمنهج المقرر وللمحاور المحذوفة، تم اعتمادها والمضي في تطبيقها، مع حذف شعار المركز واستبداله بشعار الوزارة فقط. وأشارت مصادر متابعة إلى أن مصدر هذه المسابقات كان إحدى المؤسسات التربوية الخاصة.
وإذا كان الأساتذة والطلاب «مشّوا» مسابقات الرياضيات والعلوم واللغات بالتي هي أحسن، كانت مواد الفلسفة والتاريخ والجغرافيا، تجربة شاقة أشبه بالعقاب، إذ اضطر الطلاب إلى المكوث لنصف ساعة أو أكثر لمعالجة أسئلة يستحيل الإجابة عنها. ونتيجة لذلك، اختار كثيرون تسليم مسابقات بيضاء، بينما قضى آخرون الوقت في أنشطة يرونها أكثر نفعاً خلال فترة الامتحان.
وساد نقاش حاد حول جدوى التصحيح، مع مطالبات بمقاطعة التقييم، ولا سيما أنه لم يتم التشاور مع الرابطة لوضع أهداف المشروع وعرض الصورة الصحيحة للأساتذة. ويشير بعض المراقبين إلى أن الوزارة قد تتدارك الأخطاء والملاحظات التي ظهرت في اليوم الأخير من التقييم التشخيصي، ولكن يبقى السؤال: هل سينعكس ذلك فعلاً على نمط الأسئلة في المسابقات المقبلة؟