يستعرض تقرير للمركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية (مدار) مواقف رئيس بلدية نيويورك المنتخب زهران ممداني من إسرائيل والحرب على غزة، وكيف يتفاعل المجتمع اليهودي في نيويورك مع فوزه، ويقول إنه مع أنه يعترف بحق إسرائيل في الوجود، فإنه يرفض تعريفها كدولة يهودية، ويدعو إلى دولة واحدة تقوم على المساواة بين جميع سكانها. ويُعتبر أول مرشح ديمقراطي يعلن دعمه العلني لحركة المقاطعة الدولية وناشطًا بارزًا ضد سياسات إسرائيل، ويرفض زيارتها، وهو تقليد التزمه جميع رؤساء بلدية المدينة منذ العام 1951.
يستذكر “مدار” أن ممداني طرح في السابق مشروع قانون لوقف تمويل الجمعيات التي تدعم المستوطنات أو عائلات جنود الجيش الإسرائيلي، كما تعهد في خطاباته السابقة بمكافحة جرائم الكراهية وإنشاء إدارة جديدة للأمن المجتمعي وزيادة تمويل برامج مكافحة الكراهية بنسبة 800%. كما أكد أنه سيعمل لحماية جميع سكان المدينة، بمن فيهم اليهود، من دون تمييز. ومع أنه يرفض تعريف معاداة الصهيونية كمعاداة للسامية، يرى فيه بعض الأكاديميين والسياسيين فرصة لإعادة بناء جسور الثقة بين المسلمين واليهود في نيويورك عبر قضايا العدالة والمساواة المحلية.
موقف ممداني من الحرب على غزة
سابقًا، وصف ممداني هجوم “حماس” في 7 أكتوبر بأنه جريمة حرب، لكنه شدد، في الوقت نفسه، على ما اعتبره تواطؤاً أمريكياً في الإبادة التي تنفذها إسرائيل في قطاع غزة. وأثار هذا الموقف غضبًا واسعًا، لأن الإسرائيليين يرونه تحريضًا وتشويهًا لحقّهم في الدفاع عن أنفسهم. كما وصف ممداني الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بأنها “إبادة جماعية”، وهو ما اعتبرته الحكومة الإسرائيلية والمنظمات اليهودية الكبرى تشويهًا لصورة إسرائيل ومحاولة لنزع شرعيتها أمام العالم.
نشر ثقافة التضامن مع فلسطين في نيويورك
ويقول “مدار” إن مقطعًا مصوّرًا من العام 2023 أظهر ممداني وهو يربط بين عنف شرطة نيويورك وإسرائيل، وقال حينها في مؤتمر للاشتراكيين الديمقراطيين: “حين يكون حذاء شرطة نيويورك على رقبتك، فاعلم أنه مشدود من الجيش الإسرائيلي” وأضاف أن الصراع الفلسطيني يجب أن يُربط بالحياة اليومية في أمريكا، معتبرًا أن “نضال الفلسطينيين هو جزء من الاشتراكية التضامنية عبر الحدود”.
نوّه “مدار” إلى أن ممداني في المجال المدني تجنّب المشاركة في فعاليات رمزية مؤيدة لإسرائيل في نيويورك، مثل رفضه التصويت على قرار للاحتفال بـ”يوم استقلال إسرائيل” وامتناعه عن المشاركة في المسيرة السنوية المؤيدة لها. وهذا السلوك فُسّر في الأوساط الإسرائيلية على أنه رفض لتطبيع وجود إسرائيل في الحياة العامة للجاليات اليهودية في المهجر.
في المقابل، يشير “مدار” إلى أن ممداني أكد أنه التقى قادة يهودًا من توجهات مختلفة في سياق حملته الانتخابية، وأنه يسعى لأن يكون “عمدة لكل سكان نيويورك”، وأنه سيحرص على إنشاء إدارة للأمن المجتمعي لحماية اليهود في الشوارع والمعابد.
يضيف التقرير: “رغم توقيع أكثر من ألف حاخام رسالة تحذّر من مواقفه التي لا تتناغم مع الخط الصهيوني العام المرغوب، فإن ممداني قال إنه يتفهّم الشكوك تجاهه ويأمل في بناء الثقة لا الخوف”.
انقسام الجالية اليهودية حول ممداني
بحسب التقرير، تشير البيانات إلى أن اليهود يشكلون نحو 13% من الناخبين المسجلين في مدينة نيويورك، ويمثلون نسبة مؤثرة في الانتخابات التمهيدية، ما يجعل استمالتهم هدفًا رئيسًا لكل المرشحين.
عبّر أكثر من 850 حاخاماً عن قلقهم من خطاب ممداني المناهض للصهيونية، معتبرين أنه “يهدد أمن المجتمع اليهودي” ويقول التقرير أيضًا إن الانقسام اليهودي في نيويورك حول ممداني بدا واضحًا؛ فمن جهة، خرجت مجموعة صغيرة من المتطوعين اليهود في نيويورك لدعم ممداني، “يهود من أجل زهران”، بالتعاون مع منظمات يهودية تقدمية أخرى، حيث قام المتطوعون بحملات ميدانية لطرق الأبواب وشرح برنامجه الانتخابي الذي يركّز على العدالة الاجتماعية والإسكان الميسّر ورعاية الأطفال والنقل العام المجاني.
يرى المؤيدون أن ممداني لا يشكّل خطرًا على اليهود، بل يسعى لتحسين ظروف المعيشة للجميع، ويعتبرون اتهامه بمعاداة السامية مبالغًا فيه. وقالت متطوعة يهودية عمرها 76 عامًا إنها تدعمه لأنه “يهتم بأمن المدينة وكذلك بمستقبل الشباب اليهود غير القادرين على تحمّل تكاليف السكن”.
في المقابل، عارضته قطاعات واسعة من القيادات الدينية اليهودية بسبب مواقفه المناهضة لإسرائيل، فقد عبّر أكثر من 850 حاخامًا وقادة من التيارات الإصلاحية والمحافظة والأرثوذكسية عن قلقهم من خطابه المناهض للصهيونية، معتبرين أنه “يهدد أمن المجتمع اليهودي”.