أوراق ثقافية

مترجمون فرنسيون يحتجون ضد الذكاء الصناعي

post-img

يتصاعد الغضب في أوساط المترجمين الأدبيين في فرنسا مع تنامي اعتماد دور النشر على الترجمة بالذكاء الصناعي، في خطوة يرون فيها تهديدًا مباشرًا لوجود المهنة ومكانتها الإبداعية. فبعيدًا عن النقاش التقني، بات الأمر، وفق مهنيي القطاع، مسألة اجتماعية وثقافية تمسّ كرامة العاملين في الكتاب وحق القرّاء في نصوص إنسانية.

تحوّلت دار نشر "هارلكوين" إلى محور هذا الجدل بعد أن أنهت خلال الأسابيع الأخيرة تعاونها مع عشرات المترجمين والمترجمات الذين عملوا معها. وبحسب ما نقلته وسائل إعلام فرنسية، تلقّى المعنيون اتصالات هاتفية متتالية لإبلاغهم بأن عقودهم الجارية ستكون الأخيرة، في إطار توجّه الدار إلى الاستعانة بوكالة خارجية تعتمد الترجمة الآلية. ورغم تأكيد "هارلكوين" أن ما يجري لا يزال "اختبارات" في مراحل أولية، فإن الجمعيات المهنية تعتبر الخطوة بداية تحول بنيوي خطير.

"اختبارات" أولى للآلة تقود إلى تحوّل بنيوي خطير

في بيان شديد اللهجة، اعتبرت "جمعية المترجمين الأدبيين في فرنسا" (ALTF) وتجمّع "من لحم ودم" (En chair et en os) أن ما تقوم به "هارلكوين" هو "خيانة للعاملين والعاملات في قطاع الكتاب، كما هو خيانة للقراء". وأوضح البيان أن الدار قرّرت التخلي عن الترجمة البشرية لصالح وكالة "Fluent Planet"، التي تُدخل النصوص في برامج ترجمة آلية، ثم توكل إلى مراجعين مستقلين مهمة "ما بعد التحرير". رأى الموقّعون أن هذه الممارسات تمثّل سابقة في قطاع النشر الفرنسي، إذ يجري الانتقال إلى الترجمة الآلية على نطاق واسع مع تعهيد العملية بالكامل إلى خارج المؤسّسة.

حذّر المترجمون من أنّ التعويض الوحيد المطروح أمامهم هو "العمل بأجور أقل ومن دون أي ضمانات" لدى المتعهد الخارجي، وهو ما شبّهوه بـ"خطة تسريح غير مرئية". لفت البيان إلى الهشاشة القصوى لوضع المترجمين بصفتهم فنانين- مؤلفين، من دون حق في إعانات البطالة، فيما يواجه بعضهم، ولا سيّما القريبون من سن التقاعد، خطر العيش من دون معاش لائق. وأضاف الموقعون أن اعتماد منطق "الجودة المقبولة" (Good enough) يعني "التفريط الكامل في نشاط الترجمة" وتجريد العاملين من خبرتهم وإبداعهم.

في المقابل، ردّت شركة "هاربر كولينز" المالكة لهارلكوين بأن أيًا من إصدارات الدار لم يُترجم بالكامل بواسطة الذكاء الصناعي، مبرّرة هذه الخيارات بتراجع المبيعات في السوق الفرنسية والسعي للحفاظ على أسعار منخفضة، كما شدد مسؤولو وكالة Fluent Planet على أن الذكاء الصناعي "أداة مساعدة وهو ليس بديلًا"، غير أن المترجمين يرون في هذه الخطوات "إدخالًا للترجمة الآلية من باب دور النشر"، ويدعون إلى رفضها والدفاع عن نصوص "يبدعها بشر، وفي ظروف عمل كريمة".

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد