mtv بطلة التهويل من جديد
بعد تغطيتها المتوازنة تقريبًا لمجزرتَي الثلاثاء والأربعاء الماضيَين اللتين ارتكبهما العدوّ في لبنان، بحيث حذت حذو سائر القنوات اللبنانية، عادت mtv لتكون موضع اعتراض، ولا سيّما على مواقع التواصل الاجتماعي. مكمن الاعتراض نشر القناة بشكل متواصل أخبارًا منقولة عن العدوّ و«جيشه» ومؤسّساته، بعد العدوان الصهيوني الذي استهدف ضاحية بيروت الجنوبية يوم الجمعة وأوقع قرابة أربعين شهيدًا. ورغم أنّ الأمر ليس جديدًا على القناة، إلّا أنّ الوتيرة كانت أعلى بكثير عن السابق، علمًا أنّ التصريحات الصادرة عن العدوّ تشكّل إحدى أهمّ أدواته في الحرب النفسية والتهويل والتضليل، وخصوصًا في ظلّ ظروف استثنائية. بالتزامن، دأبت القناة على استضافة أصوات تلقي اللوم على المقاومة في جرائم العدوّ، وتعتبر أنّها «دخلت حربًا لا تقدر عليها خدمةً لأجندات خارجية».
«العبرية» من دون منازع
كان لافتًا في الأيّام الماضية بثّ وسائل إعلامية خبرًا يحدّد اسم «القادة الجدد» لـ«قوّات الرضوان» بعد استشهاد القادة فيها في عدوان الجمعة وعلى رأسهم القائد إبراهيم عقيل. لكنّ mtv و«العربية» كانتا أكثر مَن بثّتاه على نطاق واسع، على منصّات التواصل وعلى شاشتَيهما، فيما اعتمدته «العربية» عنوانًا أوّل في نشراتها. ولاقى هذا الخبر استغراب جمهور المقاومة، لا من تصرّف القناتَين المعتاد، بل من فرضية أن يكون هناك مصدر استخباري استقى هذه المعلومات عبر خرق ما في صفوف المقاومة. وفي السياق، لفت الصحافي علي جزّيني إلى أنّ الخبر الذي نشرته القناتان «له دوران في الوقت نفسه: استكمال السردية القائمة بالخرق المطلق وأنّهم «عارفين»، أو دفع الناس للحديث والتصحيح عن الموضوع في حال كان خطًا، وهناك شخص يعرف. منه قد يعرفون المعلومة الدقيقة، ومنه قد يعرفون مَن الذي يعرف، وبذلك كوّنوا شبكة عمل استخباري وليس إعلاميًا».
BBC تخاف عمر نشابة!
أشار الزميل عمر نشابة على صفحته على X يوم السبت إلى أنّه «كنت صباح اليوم (الساعة السابعة) ضيف تلفزيون هيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، وعندما تحدّثت عن محاولات إسرائيل لترهيب اللبنانيّين والتفاف جزء كبير من الشعب اللبناني حول المقاومة و«حزب الله» رغم وجود بعض الأصوات المعادية له، فجأة انقطع الخطّ وانتهت المقابلة لأسباب تقنية». سرعان ما انهالت التعليقات الساخرة من القناة ومن معاييرها في «الديموقراطية» و«حرية التعبير» وغيرهما ممّا يدّعيه الغرب وغالبية إعلامه نفاقًا، وأشار المعلّقون إلى أنّ عليه ألّا يدين إسرائيل وأن يهاجم المقاومة كي تقبل به القناة.
الغرب الساقط أخلاقيًا
رغم انتشار مقاطع لها من زاويتَين مختلفتَين، إضافة إلى كون أحد مراسلي وكالة «أسوشيتد برس» شاهدًا عليها، تجاهل الإعلام الغربي بمعظمه جريمة دفع جنود إسرائيليّين لثلاثة فلسطينيّين عن سطح أحد المنازل في الضفة الغربية، وهو ما أثار غضب المتابعين الذين كانوا بالتزامن يستهجنون عدم اكتراث هذا الإعلام لما يحصل في لبنان، ويقارنون بأنّه لو انفجرت أجهزة اتّصالات في إحدى العواصم الغربية، لكان المستهدفون وعائلاتهم يغطّون الشاشات. وبالعودة إلى جريمة الضفّة، فقد بدأ الاعتراض على «أسوشيتد برس» وتقريرها الذي حاول التخفيف من حدّة التعابير المُستخدمة في وصف جرائم جنود العدوّ، بالإضافة إلى تبرير عملية العدوّ هناك بنزع السلاح، من دون الإشارة ولو عرضًا إلى احتلال الضفّة وسائر الأراضي الفلسطينية من دون وجود مقاومة هناك.
على الرغم تقرير الوكالة الشنيع، إلّا أنّه بقي غير مطابق لمحرّمات الإعلام الغربي الذي لم ينقل الخبر بغالبيّته، وإن فعل فكان مع المزيد من التمييع ووضعه في قعر قفص الاهتمام. في السياق، برز عنوان لصحيفة «ذا نيويورك تايمز» عن الخبر، إذ أوردت أنّ «جنودًا إسرائيليّين يرمون عن سطحٍ ثلاثةَ فلسطينيّين يَبدون فاقدين للحياة (seemingly lifeless)».
هكذا، وجدت الصحيفة تعبيرًا جديدًا يُضاف إلى قاموس الإبادة الجماعية، إذ تخفّف من هول الجريمة التي أقدم عليها المستعمرون الإسرائيليون! من جهتها، كانت بعض القنوات الخليجية، ولا سيّما «سكاي نيوز عربية»، تنقل «تعليق» العدوّ على الجريمة الذي برّأ نفسه فيه، مدّعيًا أنّها «تتناقض مع قيمه» وأنّها «قيد المراجعة». وأعادت هذه الجريمة والتعاطي الإعلامي معها التذكيرَ بمنطق «الإطباق» (projection) الذي يقوم به الاحتلال، إذ دائمًا ما اتّهم المقاومة الفلسطينية برمي الناس عن أسطح المباني قبل أن يتبيّن لاحقًا أنّه هو الذي يقوم بذلك، تمامًا كما فعل حين اتّهمها باغتصاب الرهائن، واختراق المنظّمات الإنسانية، وقطع رؤوس الأطفال، وغيرها من اتّهامات كثيرة تبيّن بطلانها، بل ظهر أنّ الاحتلال هو الذي يرتكب هذه الأفعال ويستخدمها حجّةً يطبقها على الطرف المقابل لتبرير جرائمه واحتلاله وإبادته، وكلّ ذلك موثّق.