لم يوفّر المراقبون في الغرب، منذ أشهر، فرصة لتوجيه رسائل إلى حكومة الاحتلال مفادها أن «حزب الله» الذي تنوي إسرائيل الانجرار إلى حرب أوسع معه، أكثر قدرة بكثير، في هذه اللحظة، ممّا كان عليه عام 2006، وأنّه حزب «راسخ» على نطاق واسع في المجتمع اللبناني، وغير قابل للتدمير، ولو «تعرّض لخسائر كبيرة». وعلى الرغم من التفوق العسكري والجوي لقوات العدو، أكّد أصحاب تلك التحذيرات، خلال الأشهر الماضية، أنّ المقاومة اللبنانية ستعيد تجميع صفوفها بسرعة، بغضّ النظر عن الخسائر التي قد تتكبّدها، بل إنها ستكتسب «شعبية» كبيرة في لبنان، وفي جميع أنحاء العالم العربي، عندما تواجه إسرائيل «وجهاً لوجه». مع ذلك، يبدو أنّ مأزق بنيامين نتنياهو يجرّه نحو حرب هو «غير مستعد» لها بأي شكل، بعدما أرهق صمود المقاومة في غزة قواته إلى حدّ كبير، ولم يعد بإمكانه احتمال الضغط المتزايد من جبهة الإسناد اللبنانية. وأوّل من يدرك مثل تلك الحقائق هم صناع القرار في إسرائيل، والذين كان لهم دور في الحرب السابقة مع «حزب الله». فمنذ أشهر قليلة، نقلت مجلة «نيوزويك» الأميركية عن عيران عتصيون، الذي شغل منصب نائب رئيس «مجلس الأمن القومي الإسرائيلي»، خلال حرب عام 2006، ثمّ رئيس تخطيط السياسات في وزارة الخارجية الإسرائيلية في عهد نتنياهو، قوله إنّه «من الصعب جداً أن نرى كيف يمكن لإسرائيل أن تكسب الحرب القادمة بسرعة، أو أن تكسبها على الإطلاق». لا بل إن عتصيون اعتبر أنّ الكيان سيخسر الحرب المشار إليها «في غضون 24 ساعة»، وذلك، ببساطة، بسبب «الدمار الشامل» الذي سيلحق بمناطق حساسة للغاية داخل إسرائيل، و«على نطاق لم نرَه من قبل».وحول ما ستعنيه «الحرب الشاملة» لإسرائيل أيضاً، أوردت مجلة «ذي إيكونوميست» البريطانية، أخيراً، تقريراً جاء فيه أنّه بعد توسيع نطاق القصف، تخطط إسرائيل، بحسب مصادر عسكرية، «لهجوم بري، يشمل الاستيلاء على منطقة عازلة تمتد على بضعة أميال من الأراضي شمال الحدود»، مشيرةً إلى أنّ جيش الاحتلال قد أعلن «منذ شهر تقريباً، نشر فرقة ثانية كانت موجودة في غزة، في الشمال، استعداداً لذلك». وقال ضابط مشارك في تلك الاستعدادات، للمجلة، إن «خطط الغزو البري جاهزة»، مستدركاً بأنّ عدد القوات لا يزال بعيداً من أن يكون كافياً لتنفيذها. ولفتت «ذي إيكونوميست» إلى أن أولوية نتنياهو، حالياً، هي أن يثبت للجمهور الإسرائيلي الذي «يتوجه إليه بالانتقادات بشكل متزايد»، أنّه «قادر على إنجاز شيء ما ولو على جبهة واحدة على الأقل»، بعدما فشل في إنقاذ 101 رهينة في غزة، أو إجبار «حماس» على قبول وقف إطلاق النار بشروط إسرائيل. وإذ يريد نتنياهو، طبقاً لأصحاب هذا الرأي، تحويل تركيزه «إلى الشمال وفصل الجبهتين»، فمن غير المؤكد، على الإطلاق، ما إن كان قادراً على استعادة الهدوء أو «تمكين المواطنين الإسرائيليين من العودة إلى ديارهم في الشمال»، باعتبار أنّه بغضّ النظر عمّا يقوله رئيس الوزراء الإسرائيلي، «فإنّ أهدافه واستراتيجيته تبقى غير واضحة». ويضيف هؤلاء أنه «مع ذلك، يتضح بشكل متزايد أن إسرائيل، في حربها مع حزب الله، ليست مستعدة للانتظار حتى تصبح تلك الأهداف والاستراتيجية واضحة».
مراقبون: حرب نتنياهو لن تكون قادرة على جعل الإسرائيليين يعودون إلى الشمال
ورأت وكالة «بلومبرغ»، بدورها، أنّ «الغزو البري الوشيك، ليس قريباً»، فيما يبدو أنّ هدف إسرائيل حالياً هو استعادة الردع مع حزب الله وجعل قوته «تتدهور»، لدفعه إلى إيقاف هجماته الصاروخية التي يشنها على إسرائيل منذ 8 أكتوبر. واعتبرت الوكالة أنّ توسع الحرب يصب في مصلحة «حماس» وزعيمها يحيى السنوار، قائلةً إنه بعدما «أدّت إراقة الدماء إلى القضاء على التقدم في اتفاقيات المصالحة بين نتنياهو ودول الخليج، وأعادت القضية الفلسطينية إلى قلب الأجندة الإقليمية، إن لم يكن العالمية»، يجب على قادة إسرائيل التفكير ملياً قبل «إعطاء السنوار ما يريده في لبنان أيضاً»، نظراً إلى أنّه من دون استراتيجية تسمح لها بالخروج على قيد الحياة - يرفض نتنياهو وضعها حتى الآن -، قد تزيد إسرائيل ببساطة من عزلتها، «وتعجّل بحرب متعددة الجبهات، ستشكل مخاطر أكبر بكثير على الدولة اليهودية من (حماس وحدها)».
من جهتها، أشارت صحيفة «ذا غارديان» البريطانية، إلى أنّه حتى بعد هجوم الأجهزة اللاسلكية، يقدر أن لدى «حزب الله» «ما بين 30 و50 ألف مقاتل جاهز»، و«ما يعادلهم من قوات الاحتياط»، محذرةً من أنّ الحزب يُعدّ «قوة عسكرية أكبر وأكثر قدرة من (حماس)، التي لا تزال تقاتل بعد عام تحت القصف». كما نبّهت الصحيفة إلى أنّه «من الخطير التعويل» على أنّ إسرائيل ستخرج منتصرة، في حال تصاعد القتال.