حذّر الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، من نيويورك، من أن الأحداث في لبنان قد تتحوّل إلى صراع إقليمي، مؤكداً أن «علينا ألا نسمح بأن يتحوّل لبنان إلى غزة أخرى»، وأن «اغتيال الشهيد إسماعيل هنية في إيران لن يمرّ من دون ردّ». وتأتي زيارة بزشكيان الأولى إلى نيويورك منذ انتخابه رئيساً قبل أشهر قليلة، في خضمّ التصعيد الحاصل في المنطقة، ولا سيما بين لبنان وإسرائيل. وتضمّن جدول أعمال الزيارة إلقاء كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأخرى أمام اجتماع «ميثاق المستقبل» الذي اعتمدته الأمم المتحدة، وكذلك اللقاء مع الأمین العام للمنظمة الدولية، أنطونيو غوتيريش، وملك الأردن، عبدالله الثاني، والرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، والرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، ورئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشال، ورئيسة سويسرا، فيولا أمهرد، ومدراء وسائل الإعلام الأميركية، علماً أن رحلة الرئيس الإيراني بدأت الإثنين وتنتهي اليوم.وقال مجلس الإعلام في الحكومة الإيرانية، في بيان، إن «عدداً كبيراً من قادة العالم دعوا إلى الاطّلاع على مواقف الحكومة الجديدة في إيران، ما أدى إلى أن يكون بزشكيان واحداً من أنشط رؤساء الدول المشاركة في الأمم المتحدة، وأكثرهم انشغالاً، بحيث إن الفريق المرافق له تلقّى طلبات كثيرة لعقد لقاء معه».
الحرب في غزة ولبنان
وبينما اعتبر بزشكيان، في مستهلّ زيارته، أن رسالة إيران في هذه الدورة من اجتماعات الجمعية العامة، تتمثّل في «السلام والأمن»، كانت الاشتباكات بين إسرائيل ومحور المقاومة قد بلغت ذروتها. وشكّلت هذه التطورات، بالتالي، أحد المحاور الرئيسية لكلمته ولقاءاته. وأمام اجتماع «ميثاق المستقبل»، قال الرئيس الإيراني: «في العالم الذي يُقتل فيه المدنيون بقسوة في غزة، ويفتك إرهاب الدولة الأعمى، بالأطفال والنساء، ويتم دعم الإبادة الجماعية والإرهاب، فإن أي وثيقة لن تكفل السلام والتنمية»، مضيفاً أن «إنهاء الاحتلال، ووقف التمييز العنصري في فلسطين، وإقرار وقف إطلاق النار فوراً في غزة، كل ذلك توطئة للتنمية والسلام الدولييْن».
ولدى لقائه نظيره الفنلندي، ألكسندر ستوب، اعتبر الرئيس الإيراني أن «قتل أكثر من 40 ألف إنسان بريء في غزة، ومهاجمة لبنان، وبالضبط في ظل صمت الأوساط الدولية والدعم الأميركي والأوروبي لهذا الكيان (الصهيوني)، هما كارثة يجب أن تنتهي في أسرع ما يمكن». وبشأن هجمات إسرائیل علی لبنان، أکّد بزشکیان، في مقابلة حصرية مع مذيع قناة «سي أن أن»، فريد زكريا، أن «علينا ألا نسمح بأن يتحوّل لبنان إلى غزة أخرى على أيدي إسرائيل»، معتبراً أن «حزب الله لا يستطيع بمفرده منع تحوّل لبنان إلى غزة أخرى ولا یستطیع بمفرده مواجهة كيان تدعمه وتدافع عنه الدول الغربية والأوروبية وأميركا». کما حذّر «من أن الأحداث قد تتحوّل إلى صراع إقليمي يمكن أن يكون خطراً على مستقبل العالم وكوكب الأرض نفسه، لذلك يجب أن نمنع الأعمال الإجرامية المستمرة التي ترتكبها إسرائيل».
الأحداث في لبنان قد تتحوّل إلى صراع إقليمي
وفي سیاق متصل، قال بزشکیان، لدى لقائه مدراء وسائل الإعلام الأميركية، «إننا نعرف أكثر من أي طرف آخر، أنه إذا اندلعت حرب واسعة النطاق في الشرق الأوسط، فإن أي أحد في العالم لن يستفيد منها. إن الكيان الصهيوني هو الذي يريد توسيع نطاق هذا الصراع». وأضاف: «لقد حاولنا ألا نرد (على إجراءات إسرائيل). وكانوا (الدول الغربية) يقولون لنا باستمرار إنهم سيتوصلون إلى وقف إطلاق النار في غضون أسبوع أو أكثر. لكننا لم نتوصل أبداً إلى ذلك السلام، والكيان الصهيوني يرتكب المزيد من الجرائم يومياً». وأكّد أن «اغتيال الشهيد هنية في طهران لن يمرّ من دون رد، وأن هذا الرد سيأتي في أوانه». كذلك، قال الرئيس الإيراني، أثناء لقائه غوتيريش، إنه «في الوقت الذي تمارس فيه إيران ضبط النفس لمنع تصاعد التوترات على خلفية اغتيال الشهيد هنية، يتمادى الكيان الصهيوني في توسيع نطاق الحرب»، معرباً عن قلقه البالغ إزاء توسّع الصراع في المنطقة برمّتها.
المحادثات مع الغرب
ويمثّل العمل على إعادة تأهيل العلاقات مع الغرب، أحد المحاور الرئيسية للسياسة الخارجية لإدارة بزشكيان. وفي هذا الإطار، اعتبر وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، في مستهلّ ممارسته مهام عمله، أن «إدارة العداء مع أميركا» و«التعامل المتّسم بالعزة مع أوروبا» و«إحياء المحادثات النووية»، كلها تُعدّ من سياسات الحكومة الإيرانية الجديدة. وتشكّل الزيارة الأولى للساسة الإيرانيين الجدد إلى نيويورك، فرصة لعرض توجّهاتهم أمام الغرب والإعلان عن الجهوزية للدخول في مرحلة الانفراج. ويحصل هذا بينما اتّجهت العلاقات بين إيران وكل من أوروبا وأميركا، خلال السنوات الأخيرة، نحو المزيد من الفتور، على خلفية تطوير البرنامج النووي الإيراني، وعودة العقوبات الأميركية، وتوسيع العلاقات بين إيران وروسيا، والتوترات الداخلية في إيران.
وكان عراقجي أعلن، في مقطع فيديو بثّه الإثنين على قناته في «تلغرام»، أن أحد أهداف الزيارة، هو بدء جولة جديدة من المحادثات النووية.